* لم تكن (شجرة الصندل) التى سرقت من المتحف القومى بالخرطوم هى الأولى التى تسرق، فلقد سبقتها شجرة صندل سرقت من متحف البركل بالشمالية قبل حوالى ثلاثة أعوام، والغريب فى الأمر أن الشجرتين اللتين لا تقدرا بثمن ويبلغ طول الواحدة منهما حوالى 5 امتار قطعتا بمنشار كهربائى له أزيز (يوقظ الموتى دعكم من الأحياء)، كما يوجد فى كلا المتحفين حراسة نهارية وليلية مشددة جدا للمقتنيات الاثرية، ولا يدرى أحد أين كان افراد هذه الحراسة وقت السرقة، والأغرب أن السرقتين مرتا بدون حساب او عقاب، بل إن ثلاثة موظفين كان قد قبض عليهم فى حادثة المتحق القومى أطلق سراحهم لاحقا بدون توجيه تهمة، بعد توسط بعض الشخصيات النافذة، وهو ما يجعل الشخص يرتاب فى طبيعة السرقتين، ومن هو السارق، خاصة أن سرقات كثيرة حدثت فى المتحفين فى أوقات سابقة، مرت حتى بدون فتح تحقيق، أو استدعاء لأى أحد ومساءلته، وإجراءات الحماية، وهو امر مريب وخطير ويدعو لوقفة جادة من كل المهتمين بآثار السودان وحمايتها من التهريب والسرقة!! * أذكر أننى تناولت سرقة 5 جنائز أثرية، وحجل أثرى بطريقة فى غاية الغرابة من متحف البركل بوالاية الشمالية فى يونيو 2014، ويبلغ عمرها ثلاثة آلاف عام، ولا تقدر قيمتها بثمن، وبعد السرقة خرج علينا المدير العام للهيئة العامة للآثار السودانية وقتذاك (دكتور عبدالرحمن على)، ليقل ببساطة شديدة أن اللجنة المكلفة بإدارة المتحف لم تقم بمعاينة المتحف والتأكد من وجود الجنائز فى أماكنها فى آخر يوم كان المتحف مفتوحا فيه للجمهور آنذاك، ولقد شهد إقبالا كثيفا، حسب تصريحاته للصحف، وكان من المفترض أن تشدد الحراسة فى ذلك اليوم، إلا أن الذى حدث هو العكس، ورغم ذلك لم تُحاسَب اللجنة على هذا التقصير المريع!! * بل إن مدير هيئة الآثار قال إن السرقة لم تكتشف الا بعد مرور فترة من الوقت بعد غلق المتحف امام الجمهور، أى أن اللجنة المكلفة بالمراجعة اليومية (أكرر: المراجعة اليومية) لم تقم بواجبها لفترة من الوقت، ولا يعرف أحد حتى الآن فى أى يوم حدثت السرقة، ومن سرق الجنائز وأين ذهبت، أو أُخذت، ولكن اتضح لاحقا ان السرقة تمت باستخدام مفاتيح نُسخت من المفاتيح الأصلية للبوابة الخارجية، التى تقع على بعد (مترين) فقط من موقع الحراسة (تخيلوا)، علما بان المفاتيح توجد فى حوزة شخص واحد فقط، هو مدير المتحف الذى لم يسأله احد كيف تسنى للمجرم اخذ المفاتيح ونسخها؟! * ولم يتحدث المدير، عن مكان تواجد خفراء الحراسة عندما يكون المتحف مغلقا او مفتوحا، ولا توجد كاميرات مراقبة، وربما يكون عدم وجودها أمراً متعمدا، وإلا لماذا لا توجد، رغم ضآلة قيمتها مقارنة بقيمة الآثار وجودها الكثيف فى منازل المسؤولين من الدرجة الرابعة وليس الاولى فقط، وفى الشوارع والطرقات العامة لرصد التجمعات، حتى التى لا علاقة لها بالسياسة أومناهضة الحكومة. * سرقات أثرية كثيرة، تحدث كل يوم من متاحفنا ومناطقنا الأثرية بدون أن تترك علامة تعجب واحدة على وجه مسؤول رغم الغرابة الشديدة التى تحدث بها، وليس آخرها بالطبع شجرة الصندل التى قطعت بمنشار كهربائى فى داخل المتحف القومى الذى يخضع لحراسة مشددة جدا، فمن الذى يسرق هذه الاثار التى لا تقدر بثمن، والى اين يأخذها؟! الجريدة الالكترونية [email protected]