كلما طفت العقوبات الامريكية المفروضة على السودان منذ اكثر من عشرين عاما على السطح ذكرتني بالخلاوي و (الفكي) و المجنون . (الفكي) الطبيب النفسي المزعوم في العادة يبرح بعصاه الغليظة ظهر المريض النفسي ( المغلوب على امره) الذي حمله ذويه جهلا اليه طلبا للشفاء و يزعم (الفكي) بلا ادنى حمرة من الخجل ان هذه السياط تصيب الشيطان فقط و سوف ترغمه في نهاية الامر على مغادرة جسد المريض . الولاياتالمتحدة ( الفكي ) تبرح ظهر السودان (المريض النفسي ) او المجنون او سمه ما شئت لطرد الروح الشريرة او الشيطان ( النظام الحاكم ) و تبقى الحقيقة ان لا ضرب الفكي يجدي ولا عقوبات امريكا تردع . في عام ا1989 ارسلت ادارة الرئيس جورج بوش تصورا لمستقبل العلاقات السودانية الامريكية وربطت الولاياتالمتحدة التطبيع الشامل للعلاقات بعودة النظام الديمقراطي و ايجاد حل جذري للحرب الاهلية المشتعلة في الجنوب وقتذاك . لم يضرب الانقاذيين برسائل واشنطن عرض الحائط فحسب بل ركبوا الموجة المعادية لها و تبنوا بصورة ساذجة شعارات الفكر الجهادي الاصولي و اصبح السودان ملاذا آمنا لعدد لا يستهان به من الارهابيين و المتطرفين . رد الفعل الامريكي حمل عقوبات شاملة على السودان و حظر عسكري و حصار سياسي و اقتصادي و دمغ السودان بالارهاب و وضعه في صدر الدول الراعية له . لقد كان تأثير العقوبات على المجموعة الحاكمة محدودا للغاية الا انها ضاعفت معاناة الشعب السوداني فلقد كان تأثيرها في علاجه و تعليمه و تنقله و في كل مناحي حياته ، و على الجانب الاخر كانت المجموعة الحاكمة متنعمة بافخم وسائل الرفاهية الامريكية . بعد عشرين عاما من فرضها اعادت واشنطن التفكير في عقوباتها فتبين لها عدم جدواها و بعدها عن الواقع فالنظام السوداني الذي كان يعتقد في بداياته نظام اسلامي اصولي بات ماثلا للعيان اليوم انه مجرد نظام (كليبتوكراتي) تمسح بالدين لاستغلاله في شرعنة وجوده جاثما على صدر الوطن . كذلك وجدت واشنطن نفسها تقدم السودان بموقعه الاستراتيجي و ثرواته الضخمة التي يسيل لها لعاب العالم شرقا و غربا لقمة سائغة لبكين التي اصبحت تستثمر (سواقط) الولاياتالمتحدة و احتواء الصين التي باتت تمثل مصدر الارق للعالم الغربي يبدأ بتحجيم تحالفاتها و انشطتها الاقتصاية و السياسية في افريقيا بالذات و استمالة السودان نحو الغرب مبتعدا من الفلك الصيني سوف تكون ضربة موجعة لبكين و بداية تقزيم دورها في افريقيا و تقهقره . رغم الايمان التام لدى صناع السياسة الامريكية بضرورة رفع العقوبات عن السودان الا ان واشنطن تبطئ خطواتها نحو رفعها و تضع المزيد من الشروط و العراقيل الصورية لا لشيء سوى الحصول على بعض المكاسب من نظام السوداني المتداعي و الذي تفتك به ازمة اقتصادية خانقة شلت قدرته على ابداء اي نوع من التصلب او المراوغة . آخر الحكي ******** ليس للنظام دور يذكر او فضل معتبر في رفع العقوبات عن السودان التي يحاول ركوب موجة البطولة فيها . النظام يحاول استغلال رفع العقوبات لاثراء قططه السمان التي امتصت دم السودانيين لسنوان و سنوات . يمكن للسودان جمع منافع جمة من الشرق و الغرب اذا استغل الصراع بين القوى بحكمة و لم يدر في افلاك اي قوة . النظام السوداني يمكن ان يتحول من الحضن الصيني الى الحضن الامريكي بسهولة و يسر طالما الدولار الامريكي مشبع اكثر من اليوان الصيني مثلما ركل التومان الايراني لاهثا خلف الريال السعودي . آخر الكلام ******** الخفة كعبة يا كيزان . [email protected]