راجت أمس منذ الصباح أنباء ترجح اعلان الحكومة خلال اليوم «أمس الثلاثاء»، ولكن الى لحظة كتابة هذا العمود بعد منتصف النهار لم تعلن الحكومة الجديدة، وعليه لا يمكننا الحكم على شيء غائب مازال طي الكتمان رغم التسريبات غير الرسمية التي لا يمكن الاعتماد عليها، غير أننا ومن جملة شواهد عديدة غير مبشرة نعلن خشيتنا من أن يتمخض مخاض هذه الحكومة العسير عن مولود أقل قامة بكثير من الجلبة التي أثارها الحوار الوطني على مدى ثلاث سنوات، فيفطر الناس بعد هذا الصيام الطويل على بصلة كما يقول المثل، أو أن تنطبق عليها أوصاف سابقة قيلت في هجاء تشكيلات حكومية ماضية لم تشهد جديدا ولا تغييرا يذكر لا على مستوى الشخصيات ولا السياسات، فيقال عنها شن جدّه على المخدة، ومشطوها بي قملها، وقطية شلعوها وبنوها تاني بقشها القديم، غير ان اظرف وأذكى وصف سخر من احدى التشكيلات الحكومية بعد إعلانها كان «مرتبة وقلبوها»، بعد ان تفرس صاحب هذا الوصف جيدا في الوجوه والاسماء المعلنة ولم يعثر على جديد يُذكر لا في الشخصيات ولا السياسات بعد طول انتظار ومفاوضات ماراثونية تطاولت وكانت البلاد وقتها خارجة لتوها من عملية بتر مؤلمة ذهبت بثلث مساحتها واكثر من ثلاثة ارباع دخلها وتواجه عاصفة من المشاكل والقضايا التي تتطلب النظر إليها بعين وطنية متجردة ومعافاة من اي عشى حزبى ومكاسب ذاتية وآنية ضيقة، ومصداقا لهذا الوصف المبدع فان عملية «قلب المرتبة» لمداراة الجزء الذي اتسخ منها لن تخفي حقيقة المرتبة ولو خدعت النظر لبعض الوقت.. ونخشى أيضا أن يجئ إنشاء الحكومة الجديدة بمثل ما جاء في موضوع الانشاء الذي طلب استاذ اللغة العربية من احد التلاميذ المساخيط ان يكتبه فيما لا يقل عن عشر صفحات، فأحضر التلميذ عشر ورقات وكتب على الصفحة الاولى ركب الرجل الحصان ثم ملأ الصفحات من الثانية وحتى التاسعة بعبارة كبجك كبجك كبجك حتى بلغ العاشرة فكتب عليها ونزل الرجل من الحصان، وهذا ما نخشى تكراره مع الحكومة الجديدة، بالاعلان اولا عن بدء المشاورات لتكوينها، ثم كبجك كبجك كبجك كبجك ولت وعجن واجتماعات وانفضاضات وجرح وتعديل وترشيحات ومشاورات ومجابدات وحردانات ومغاضبات لتعلن علينا اخيرا نفس الوجوه القديمة والمكرورة هنا وهناك في الحكومة الجديدة مع شيء من المكياج والطلاء الخفيف، أما برنامجها المفترض أن تعكف على تنفيذه فتلك قضية أخرى لا يبين منها سوى خطوط عريضة حوتها مخرجات الحوار الوطني البالغة نحوا من ألف توصية.. الصحافة