:: جنون العظمة نوع من الأوهام..كأن يقول أبو العتاهية : (أنا أكبر من العروض)، حين يسألوه عن العروض الشعرية ..وأن يقول أبوالعلاء المعري : ( وإني وإن كنت الأخير زمانه/ لآت بما لم تستطعه الأوائل)، ويطالبه أحد صبيان البادية بأن يأتي بالحرف التاسع والعشرين، فيسكت .. وأن يقول المتنبي : (أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي / وأسمعت كلماتي من به صمم).. وأن تخرج إمرأة للردحي : (لا كرعيننا رقاق ولا مولودين فى زقاق.. أولاد عوااايل وعندنا فااايل .. هييييي وتااااني هيييي .. ولدونا في الدايات و قرينا في الراهبات.. نحححمد الله .. نحن نشتت وخلق الله تلقط)..!! :: هكذا الأوهام وبعض جنون العظمة.. عفواً.. وهذا الخبر أيضاً : ( تصل اليوم ميناء بورتسودان الباخرة الأمريكية (جي اتش ريتش وول) قادمة من ميناء هيوستن تكساس وهي محملة بواحد وخمسون ألف طن متري من القمح الأمريكي، وقالت شركة سيقا للدقيق أن الباخرة شُحنت لصالحها بواسطة الشركة الأمريكية كارقيل انكوربوريشن، وأضافت أن هذه الشحنة تعد بداية لعودة التعاون بين الشركات الامريكية و السودانية، والذي اعتبرت أنه سيعود بالفائدة على هذا المجال الحيوي)، وكان خبراً رئيسياً بكل صحف الأمس ..!! :: ومعلومات هذا الخبر لاتختلف عن أشعار البروباغندا والردحي، أي محض أوهام مراد بها (لفت الإنتباه)..فالقمح الأمريكي لم يكن محظوراً لنحتفي بهذه الباخرة ونصفها ب (بداية التعاون) ..وليس القمح الأمريكي فحسب، بل كل الأغذية والأدوية والأجهزة والمعدات الطبية لم تكن في قائمة الحظر الأمريكي .. فالكاش كان يقلل النقاش، حين يكون العرض قمحاً ودقيقاً.. أي طوال سنوات الحظر الأمريكي، ظلت السفن الأمريكية المحملة - بالقمح والدقيق - تصول وتجول في المياه الدولية، وكثيراً ما أفرغت حمولتها في ميناء بورتسودان لصالح شركات سودانية لا تتقن (فن البروباغندا)..!! :: وبالمناسبة.. كل المعلومات متوفرة في بيان الموانئ البحرية، إذ خلال الفترة 13 / 21 ابريل 2013، أي قبل رفع الحظر الأمريكي بأربع سنوات، إستقبلت مخازن المخزون الإستراتيجي (58.710 طن متري) من القمح الأمريكي القادم من ميناء هيوستن تكساس بالباخرة (ام.في،ماريا في).. ومع ذلك لم تعمم الشركة السودانية المستوردة الخبر بتوهم من شاكلة : وإني وإن كنت الأخير زمانه/ لآت بما لم تستطعه (الأخريات)، وكذلك لم تردح تلك الشركة في الصحف : ( نححححمد الله.. أصحابنا أمريكان و الغدا ضأن و التحلية برتكان.. الفي شنو و المافي شنو)..!! :: ثم ليس لهذا المسمى بالتعاون في المجال الحيوي ( فائدة)، أو كما يصف التصريح.. أين الحيوية والفائدة في استيراد القمح، من أمريكا أو غيرها؟.. فالحيوية والفوائد التي تستحق التباهي - والردحي - هي أن تستورد شركة سيقا وغيرها مدخلات انتاج القمح، وليس القمح.. ومن العيب أن تتباهى شركة بحجم سيقا بوصول باخرة القمح الأمريكي، وهي القادرة على إنتاج وتصدير القمح السوداني .. قبل أسابيع أسعدنا الراجحي بتلال القمح المنتج في السودان، وليس المستورد من تكساس، بحيث تجاوز إنتاج الفدان (30 جوالاً)، أفلا تستحون ..؟؟ :: مشروع الراجحي لا يتجاوز مائة الف فدان.. ولكن لشركة سيقا - التي تتباهى بالقمح الأمريكي - مئات الآلاف من الأفدنة التي نالتها - من الحكومة - بغرض الإستثمار في زراعة القمح ..ولشركة سيقا من الأموال والخبرات والنفوذ ما هي أضعاف الأموال والخبرات والنفوذ التي إستغلتها شركة الراجحي في السودان وأنتجت بها هذا (الإنتاج المثالي)..واعتبارا من الموسم القادم، بعون الله ثم بوعي إدارتها، تبدأ شركة الراجحي - بالف محور - خطة إنتاج (280.000 طن).. أي أكثر من خمسة أضعاف القمح الأمريكي (المحتفى به)..ومثل هذا النجاح - المتكئ على روح البذل والعطاء - هو ما كان يجب أن تفتخر به شركات (قمح تكساس)..!! الطاهر ساتي [email protected]