اطلت من جديد الحالة المرضية القديمة المتجددة في مسرح الاحزاب السياسية التقليدية خصوصا تلك الاحزاب التي تلتف حول ديباجة واحدة او فكرة دينية واحدة بحكم انها احزاب تاريخية ولها ادوار واسهامات في البناء الوطني والديني فالصراع بين هذه المكونات الحزبية ظل ياخذ عدة اشكال وتطورات ومساجلات قانونية وادارية فتلك هي احدي ابرز مواجع وامراض السياسة السودانية ومشكاساتها حول مصالح الذات والمناصب وبالقدر الذي يفوق اهتماماتها بامر العباد من حيث حقوقهم ومكاسبهم وامنهم وسلامهم , فبالامس اطل هذا السيناريو المتجدد والمقلق علي الواجهة الحزبية في السودان حيث حسمت المحكمة العليا سجالا قانونيا استمر لحين من الزمان بين جماعة الشيخ علي جاويش التي تقف في صف الرفض لاي مشاركة في الحكومة وجماعة الشيخ الحبر يوسف نور الدائم التي قبلت بمبدأ المشاركة السياسية ودخول حكومة الحوار الوطني الحالية وكانت هذه الجماعات تصطرع فيما بينها حول اسمها "الحركي" القديم للاخوان المسلمين فكل حلف يدعي انه الاحق بالانتماء الي حركة "الاخوان المسلمين" خصوصا ان هذه الحركة وعبر مسيرتها التاريخية تشظت كثيرا وتناسلت من رحمها العديد من المجموعات التنظيمية والمسميات الاخري . وكانت اخر محطات النزاعات الداخلية هي مفاصلة الرابع من رمضان من العام الماضي وربما تشابه ذات السيناريو الذي تم عبره اقصاء الترابي من دائرة الفعل والقرار بالحكومة في الرابع من رمضان من العام 1999 . اما الشيخ علي جاويش عاجل مجموعة الحبر يوسف وقتها بضربة قوية حل بموجبها مجلس الشوري والمكتب التنفيذي وعطل المؤتمر العام لحركة الاخوان المسلمين الا ان مجموعة الحبر عقدت اجتماعا استثنائيا عزلت فيه الشيخ علي جاويش ونصبت فيه الحبر يوسف مراقبا عاما ورئيسا للجماعة ومنذ ذلك اليوم اشتد الصراع بين المجموعتين حتي تم الحسم عبر المحكمة الادارية . جاء قرار المحكمة الادارية العليا مناصرا لمجموعة الشيخ علي جاويش وابقي علي احقيته كمراقب عام للاخوان المسلمين وحظر ذات الاسم علي جماعة الشيخ الحبر يوسف نور الدائم وهي ذات المجموعة التي شاركت في حكومة الحوار الوطني باسم "الاخوان المسلمين" . (الانتباهة) اتصلت بالشيخ علي جاويش لمزيد من الايضاحات والافادات حول قرار المحكمة العليا في الخصوص فاكد للصحيفة ان مجموعة الحبر يوسف ليس لديها ما تستند عليه في هذا النزاع مبينا انهم منذ الان لن يسمحوا لهؤلاء باستغلال اسم الاخوان المسلمين او المشاركة في الحكومة باسمهم وقال نحن جاهزين عبر محامينا الخاص لاتخاذ اي ترتيبات واجراءات قانونية ضد هذه المجموعة حتي لو ذهبوا للامم المتحدة علي حد قوله . ويتفق الاستاذ حسن اسماعيل بحزب الامة القيادة الجماعية في حديثه "للانتباهة" مع الاعتقاد الذي يري ان الصراع حول مسميات الاحزاب بانه فعلا حالة مرضية ترجع اسبابها المباشرة الي ضعف البناء الحزبي عموما في السودان فليس من المنطق ان تتصارع هذه القوي الحزبية امام الراي العام حول مسمي حزب فهذا غير مقبول اطلاقا ولو ان الوضع الحزبي كان مثاليا او قائم علي اسس متينة لا يمكن ان يحدث هذا الصراع لكن يبدو ان المسالة ذات عمق وخلفيات لان اصل المشكلة ان هناك خلاف داخل المنظومة الحزبية الواحدة خاصة اذا كانت هذه المنظومة منسوبة تاريخيا الي جهة واحدة مثل كيان الانصار مثلا او الاخوان المسلمين فيحدث الخلاف حول من يحق له استخدام الاسم وهذه في تقديري احدي مظاهر الضعف الحزبي خصوصا ان بعض الاشخاص يعتقدون انهم الاحق في ادارة اجهزة الحزب وانهم اصحاب الشرعية ولذلك فهذا كله من اشكال الضعف المرضي الذي لازم الاحزاب السودانية في المرحلة الماضية لانها وبحسب الاستاذ حسن انكفأت علي ذاتها ولم تدخل مرحلة التجديد علاوة علي ذلك لك تمارس الديمقراطية في داخلها واستبعد كذلك ان تكون القوانين واللوائح الداخلية لكل حزب هي التي ادت لهذا الضعف ولكنها في نظره لوائح ممتازة وانما الاشكال الاساسي هو في طبيعة الممارسة الحزبية لان معظم هذه القيادات طبقا لتوصيفات الاستاذ حسن غير مربية تربية ديمقراطية واذا علمنا ان لدينا رؤساء احزاب قضوا فيها اكثر من 60 او 70 سنة فلا يمكننا هنا ان نتحدث عن احزاب ديمقراطية بدون مناخ ديمقراطي . وحول خلاف المسميات داخل احزاب الامة قال الاستاذ حسن اسماعيل ان مبارك الفاضل لديه خلاف مع جهتين الاول مع الدكتور الصادق الهادي بشان مسمي الحزب وهذا تم حسمه عبر مجلس الاحزاب ومعلوم ان دكتور الصادق سجل هذا الحزب في العام 2005 اما الجهة الثانية التي يتصارع معها مبارك الفاضل هو السيد الصادق المهدي فمبارك يعتقد انه يمثل جيل الاصلاح والتجديد داخل حزب الامة القومي وفي الحقيقة ان مبارك استعجل هذه المسالة لان ليس مه شخص فلايمكن ان يكون الاصلاح من جهة خارج الحزب ولهذا فان السيد مبارك من الجهتين استعجل هذه القضية والامر محسوم الان لدي مسجل الاحزاب . ومضي الاستاذ حسن اسماعيل في اتجاه ضرورة ارساء مرحلة جديدة لما بعد الحوار الوطني يجد فيها كل حزب الفرصة الكافية لترتيب اوضاعه وحسم نزاعاته الداخلية ووضع بناء حزبي سليم ولم تكن هذه الظواهر الخلافية في مسميات الاحزاب محصورة فقط في احزاب بعينها وانما هي ظاهرة مرضية طالت معظم القوي الحزبية فلم تسلم منها حتي الاحزاب والتنظيمات العقائدية فالحزب الشيوعي ايضا عايش مرحلة من التباينات والرؤي والافكار المتقاطعة بشان مسمي الحزب وعقيدته الفكرية وقد طرحت هذه القضايا في الاوراق الخاصة في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي لكن يبدو انها لم تحسم بعد . والحركة الشعبية ايضا قطاع السلام لم تسلم ايضا من هذا النوع من الخلافات كما ان حزب الاتحادي الديمقراطي "المسجل" ملاء الساحة السياسية والاعلامية ضجيجا وعويلا الشهور الماضية فيما عرف بصراع (الدقير واشراقة) وهو صراع رغم انه اخذ طابع شخصيا الا انه تمحور في النهاية حول من هم اصحاب الشرعية والاحقية في الحزب او بالاحري .. من هم "الورثة" الحقيين للاتحادي الاصل بعد رحيل امينه العام الشريف زين العابدين الهندي. هاشم عبد الفتاح