في حشد صوفي في منطقة الكريدة العام الماضي، كان القيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني، نافع علي نافع يرسل رسالة محددة الوجهة، إذ قال: إن الذين يحاولون قطع الوصل بين الإنقاذ والصوفية في مجالسهم الخاصة بالخرطوم أو خارجها- سيفشلون؛ لأن أهل الإنقاذ والتصوف على بصيرة من رب العالمين.. ثم تابع "إن الصوفية حفظت السودان، وجمعت الناس على صعيد واحد". مع إعلان الحكومة الجديدة التي أُطلق عليها (حكومة الوفاق الوطني) دبّج كبار قادة الطرق الصوفية بياناً مطولاً، نعت فيه الجماعات علاقتها بالإنقاذ واتهمتها بالوقوف في صف السلفية ضد الصوفية، ورأت في بيانها- الذي انتشر على نطاق واسع في ساعته- أن دورها التأريخي ينبغي أن يضعها موضع المتقدمين لا المتأخرين، وأنها تريد نصيباً من السلطة التي مالت كفتها تجاه السلفيين، ثم دار لغط حول مطالب الصوفية في كراسي السلطة.. ولم يكن هناك مناسبة موضوعية لمثل هذا البيان، الأمر الذي جعل ربطه بمطالب الكرسي أكثر موضوعية ومنطقية. معلوم أن الطرق الصوفية والت الإنقاذ على مدى سنوات طويلة من حكمها، ومثلت الصوفية للإنقاذ ثقلاً انتخابياً؛ فهي حليفة للإنقاذ- لا شك في ذلك- وكانت لها عوناً وسنداً في كثير من ملماتها. وفي البال الحشود المليونية للصوفية التي دعمت الرئيس البشير، إن كانت (بيعة الموت) أو (بيعة الكريدة) أو (حشود أم مرحي) وغيرها، لكن الصوفية تعرضت خلال السنوات الأخيرة إلى احتكاكات عنيفة من قبل السلفية التي لا ترى في الصوفية إلا كُفرا بواحاً، وظل الحال هكذا.. مواجهة ثم تدخل من السلطات، ثم تهدئة.. لكن ماذا استجد؛ لينتفض الصوفية؟، ثم تمنعهم السلطات من إقامة منشط. حينما زار إمام الحرم المكي السودان مؤخراً كان ضمن برنامجه أن زار مسيد الشيخ الكباشي، أحد أبرز قادة الصوفية، وأحد الأقطاب التي تقود الحراك الحالي. الزيارة التي أربكت السلفية، ووضعت عشرات الاستفهامات، حول ماذا تريد السعودية من صوفية السودان؟؛ فهي بجانب أنها زيارة نادرة جداً، كان توقيتها مثيراً للتساؤلات. بالرغم من أن بعض قادة الحراك الصوفي الحالي يرددون أن تحركاتهم لا علاقة لها بالتقارب السعودي، لكن، ليس ثمة سبب موضوعي، وفي هذا التوقيت يثير حفيظة الصوفية إلا هذا التقارب الذي عدته الصوفية خصماً عليها. الياقوتي، وزير الإرشاد الأسبق، وهو من قادة الحراك الحالي، كشف الستار، حينما تحدث صراحة عن رفضهم مجاملة الحكومة للسعودية على حساب هوية البلاد الدينية، وانتقد إتاحة المنابر للوهابية لسب وتكفير الصوفية، وإصدار الفتاوى بتحريم الأضرحة، ووجوب إزالتها. لم يعرف السودان في تأريخه أي من الصراعات المذهبية التي تعيشها المنطقة بين سُني وشيعي، حتى خلافات الصوفية والسلفية لم تصل مرحلة ما وصل إليه الحال في بعض الدول التي تتقلب في نيران الصراعات المذهبية، فهل نحن على موعد مع صراع سلفي- صوفي؟، الكرة في ملعب السُلطة. شمائل النور - التيار