لا تقرأ هذا المقال ... هذا الوطن الحزين ، المنكوب ، سودان عزة يمر عليه هذا الزمن الأغبر بأحداث دراماتيكية فلو قلنا لانفسنا : نستعجب فلا عجب! ولو قلنا لانفسنا : نستغرب فلا غرابة ! ، فكلما حدث جرم او خطب انشغل به الرأي العام ، وتابعه المجتمع ، وعادوا يبحثون عن المسببات فتجدها مقرونة بالبشير واسرته وصحبه الملاعين ، فتتساقط عنهم التهم كما يتساقط الباطل من الحق حتي يختاروا لهم كبش فداء ، ليحاكم بآثامهم من جهابزتهم ، وياليته يدان ! ما هي الا لحظات ليخرج مبرءا" من كل عيب ، ثمانية وعشرون عاما ولم يحاكم او يدان صاحب منصب دستوري كأنهم انزلوا ملائكة من السماء ، ياتمرون بأمر العزيز الحكيم ، رغم ان مفاسد الارض تطفح منهم نتانة وسوء ، وكل يوم يفسدون لقدتقوقع نظام المؤتمر - اللا وطني - في بركة منذ إستلابه للسلطة ، وادار اجندته الخفية في إغتيال المعارضين ، والمنتسبين الرافضين لمآربه ، حتي اخرسوا آخر الالسنة ، واسكنوها القبور ، ومذبحة (ضباط رمضان) كانت خير مثال ، واشعلوا ترانيم الجهاد والإستشهاد والحور العين ، وساقوا الجيش السوداني لمحارق تاريخية حرفوها وغيروها ، وزعموا فيها بإنتصار الملائكة التي تحارب معهم ، وكل ليلة نسمع عويلا" ونحيب بسقوط مجموعة من الشهداء ، وترانيم جهاد تتغني ، ورائحة المسك ، تعطر سماء العزاءات في افواهم ولا نشتم الا رائحة الموت ، فأحجم الجيش ؛ شعورا" بما يدبرونه من اكاذيب ، حتي إستهدفوا شبابا" كأنوار الصباح البهي ، اقتادوهم بقوة السلاح تذرعا" بالخدمة الوطنية ، لم يبلغوا ربيع عمرهم المكنون ، حتي دفعوهم لإنتحار مبكر ، في غابات وعرة ، ودروبا" مظلمة ، وكانت محصلة ذويهم صناديق مغلقة ، واناشيد كاذبة ، ومسك لم نشتم منه سوي ضياع فلذات اكباد الامهات . حتي إنتفض شيخهم الذي ركلوه ، في مفاصلتهم الشهيرة فأسقط جهادهم المزعوم ، الذي راح ضحيته مئات الآف من ابناء الوطن الابرار ، وكان الله رؤف بالشعب بعد معاهدة (نيفاشا) المجحفة التي قسمت البلاد وظلمت الجنوب قبل ان تظلم الشمال ، فكانت هدنة توثم فيها الشعب خيرا" في بدايتها ، وانتهت بإنفصال جنوب ، وتمرد اخر ، وإقتتال ، فلم يوفي نظام المؤتمر الباطش بكافة عهوده ومواثيقه ، وتلاعب بنتائج الانتخابات ، وشراء الذمم ، حتي ادارت حرب سنانها من جديد ، وكانت كل مقاليد الحكم في يد (البشير) ومجموعة من المتأسلمين الذين اختاروا ان يفسدوا مع المفسدين ، وعرضوا كل ما تراه عين داخل الوطن للبيع ، وحللوا الحرام ، وحرموا الحلال ، وفتحوا مشاريع لنيل الودائع والمنح ، كل يتسابق لينهل من الحرام اينما وجد ، وصنعوا جيشا" من الاميين الجهل ، اطلقوا يده إقتصاصا" من الشعب ، يسرقون ، ويغتصبون ، وينتهكون ثروات البلاد ؛ دون مساءلة او محاسبة ، فلم يكفيهم ما كانوا يسرقون ، فحتي المرافق والوزارت الحكومة كانوا لها من البائعين . وكل ذلك ، والشعب محصور في زاوية يشاهدهم ينهبون ويسرقون ، ويغتصبون حتي نضب اناء السودان ، فدفنوا النفايات السامة في اراضي السودانية علهم بها يؤجرون ، حاويات محملة اما مخدرات واما نفايات مسرطنة ، فلم تكفيهم ، ولن تكفيهم ، فإرتزقوا بابناء الوطن يبتعثونهم يقاتلون بحفنة من الاموال ، وهذا اغذر ما كانوا يفعلون ، فلم تكفيهم ولن تكفيهم ، فعيونهم مفرغة وقلوبهم محرقة ، واثامهم مشرعة ، بنوازع الشر . هذا ما آلت عليه حكومة الطغيان الفاشية ، ولن تتوقف من مسآوها فقد ظهرت في هذه الايام ظاهرة اختفاء الشباب ، وكلما اختفى احد الشباب وجد ميتا" خالي من الاعضاء ، لقد باعوا الشباب احياء ، والآن يبيعونهم اموات ، لم يكتفوا من البيع الكلي فامسوا يبيعونهم اجزاء ، لقد إختار هذا النظام الفاسد بيع بنيه (اسبيرات) فهي الأجدي والأنفع له . هذه الظاهرة المخيفة التي ضربت البلاد ، واخر ما توصلت اليه حكومة (البشير ) هو : هذه الإختطافات ؛ والمؤكد ان (مامون حميدة) مهندسا" لها ، طالما المخدرات ، كان المتهم بها (نافع) والنفايات المتهم بها (اسامة عبدالله) وهو عديل (البشير) ، والتحلل وإغتيال الضابط (غسان) المتهم به الوالي السابق (عبدالرحمن الخضر) وسقوط البنايات ، المتهم به الوالي الحالي (عبدالرحيم محمد الحسين) وإغتيال (ابراهيم شمس الدين والزبير ) المتهم به (بكري حسن صالح والطيب سيخة ) فليس غريبا" علي (مامون حميدة) التجارة في الاعضاء طالما انه يملك المقومات . هل هنالك إستعجاب وغرابة من نظام دموي قمعي ؟ سيحتاج التاريخ كي يوثق له مئات السنوات ، وستظهر حقائق بعد زواله يشيب لها الولدان ، وهو لابد الي زوال بأذنه تعالي.... غالب طيفور