تقوم الثور بهدف لتغيير وضع معين لإنتقال المجتمع من مرحلة الي مرحلة آخرى تحقق تطلعاته الكونية، والثورة التي لا تحدث تغيير جزري في المجتمع تظل ناقصة يجب العمل علي استمرارها إلي أن تحقق اهدافها التي قامت لأجلها، وتعتبر الحرية والعدالة والديمقراطية والصحة والتعليم وباقي جوانب الخدمة المدنية من اهم الأهداف التي تثور المجتمعات لتحقيقها، وتلارم الثورات مخاطر تهددها وقد تؤدي الي نسف بعض اهدافها ما لم يتماسك الثوار ويسعون وراء تحقيق مطالبهم وتأتي هذه المخاطر بشكل مباشر من المنظومة التي قامت الثورة لجزها متمثلة في محاولات القمع والتنكيل وإن فشلت تستبدل بتدويل القضايا بغية إيجاد تسوية تحقق مناصفة في الأهداف وقد تتولد المخاطر من داخل الثورة نفسها حينما تفرخ الثورة أناس لا ينظرون للمستقبل من تحت أرجلهم ويعتقدون الفلاح في التقاط ما هو قريب عنهم في لحظة تاريخية فاصلة يتحول فيها الحلم بالحرية الشاملة والديمقراطية الكاملة والتنمية المتوازنة حلم نصفي وليس كلي كما يجب أن يكون، ليس هذا ما يجعل المرء يخوض في نقد الحوار مع المنظومة الحاكمة لكن السبب الأساسي هو التنازل عن أشياء لا تقبل القسمة علي اثنين كالسلام والحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية فهذه قيم لا يمكن التخلي عنها او المساومة عليها بأي حال من الأحوال، والحوار الذي لا يؤدي الي تفكيك النظام السيئة السائد في الدولة لا يصنف كحوار حقيقي ونتائجه لن تحقق تطلعات الجماهير ويجب عدم الخوض فيه لأنه موعود بالفشل. لطالما قامت الثورة لتحقيق اهداف معينة في مقدمتها الحرية والعدالة والتنمية والديمقراطية فمن المسلم به نقل هذه الأهداف الي طاولة التفاوض دونما أي تنازل عن واحدة منها لأنها تمثل الخطوط الرئيسية لحياة الإنسان في سائر مجتمعات الكرة الأرضية، ومن الطبيعي بروز الفئة الخطرة خلال أزمنة وأوقات الثورة او الحوار وربما بعدهما ولكن تجاوز هذه الفئات يتوقف علي درجة وعي الحركات التحررية والمجتمع الذي يحتضن مشروع التغيير والتحرر، وفي الوقت الحالي نلاحظ حالات الخروج علي اهداف الثورة من قبل بعض المجموعات ذات النظرة الضيقة لمستقبل الوطن، وتستغل المجموعات المناوئة للمقاومة الثائرة والمتحالفة مع منظومة الإستبداد والقهر بعض الظروف لتسوق بضاعتها وتمنع تقدم القوى الديمقراطية نحو التغيير. هذا الوضع يحتم الوطنيين في كل جبهات المقاومة إيجاد وسائل جديدة تحافظ علي تماسكها وبناء مشروع سياسي يخاطب مطالب الجماهير ويقنع المجتمع السوداني والإقليمي والدولي ويؤسس لعملية تحول حقيقي في المسارح الثقافية والسياسية والمجتمعية ويثقل ركب التغيير الماضي إلي الحرية والعدالة والسلام والإستقرار، إننا اليوم علي خط الحسم الثوري والنظام اضعف من (جناح باعوضة) تحاصره الصراعات الداخلية والخارجية ورغم ما تعانيه المعارضة من تشقق فهي قادرة علي ترتيب اوضاعها وشعبنا يدرك ما يريد ولكنا في حوجة ماسة لعمل إيجابي علي أرض الواقع يبعث فينا وفي المجتمع جرعة إضافية من التفائل وعدم الإلتفات لسواقط الثورة وحلفاء المنظومة الظلامية، فالثورة لا تقف عندما يرتد عنها احد، ولا تقف عندما يشتد القهر والتسلط، الثورة تستمر بكل اهدافها وتمشي في الطرقات وتدخل بيوت الحالمين بنورها وتستمد قوتها من سواعد ابنائها المخلصين لها وستخلص البلاد من بؤسها وتقودنا جميعا الي يوم الناس المسطر علي صفحة التاريخ الآتي. سعد محمد عبدالله