التمسك بمبدئية الموقف في مجال العمل العام لاسيما الوطني منه لابد أن يدفع بمن يتمتع بالحد الأدنى من أخلاقيات السياسة التي قد لا يرقى الى بلوغ ذروتها إلا القلة من محترفيها ..فيركن الى التشبث بفضيلة الكرامة الذاتية ..ثباتاً على موقفه دون الإنحناء المذل أو الإنكسار خوفاً من فقدان الجاه العابر ركوبا على نزوة تغليب الخاص على العام دون مراعاة لماضيه الذي قد يحسب له في ميزان إنجازاته أياً كان ثقلها ..ولا يرضى بفرضية تسفيه مستقبله وإن كان أياما قليلة متبقية له في الدنيا بما قد يحسب عاراً عليه ويحط من قدره في سجلات التاريخ وذاكرة الأجيال ! ما الذي ينشده رجل في سن وتجربة الدكتور أحمد بلال من طموح يتحقق بلعق تصريحاته بغض النظر عن صدقها أو زيفها تزلفاً لمضيفيه ..متنكراً لها من تحت أحذية الذين وضعوها على رقبته التي سلمها متنازلاً بقبلات إرضاء مسائليه دون تفويض قانوني أوصفة تشريعية حقيقية منتخبة بإرادة الأمة ..وهو الذي حانت أمامه فرصة الذهاب مبيضاً وجه حاضره ولطالما لطخه سواداً بمعاداة ماضيه .. لو أنه ركز على تبنى ما قاله وأكد بشجاعة إنها كانت قناعات خاصة لا يملك أحد أن ينتزعها من لسانه ضغطاً وتهديداً لو أن ضميره لا زال حياً ينبض إحساساً بكرامته ! إنكسر الرجل أمام لجنة الطيب مصطفى معتذرا بصورة مهينة..ولكن لمن ..! الحكومة التي صمتت عن مساءلته بل رأت ان تصعيد الأمر معه الى درجة الإقالة فيه إشارة قد تفسر لصالح ذات الفريق القطري الذي عمل مؤيدوه متجاوزين صفح الحكومة على تركيع الرجل في ظاهرة لم يتبعها المجلس المزعوم الصفة أو إحدى لجانه عديمة الجدوى مع عتاة المقصرين في أداء واجباتهم الأساسية بالقدر الذي أضر بكثير من مصالح الوطن .. سواء إن كان بالفساد المباشر أو عدم الكفاءة في مواجهة الكوارث الكثيرة التي مرت بالبلاد فظل أولئك رغم أن ما فعلوه يعتبر خيانة للداخل على غير تصريحات بلال التي يعتبر تأثيرها الخارجي أكبر وقد التقطها الذين يهمهم رضاء حلفاء الخارج أكثر أهمية من الإيفاء بمسئولياتهم تجاه مواطنيهم الذين يفترض ويا للمفارقة أنهم ممثليهم في ذلك البرلمان الذي يسبح بحمد السلطة التنفيذية و يحتقر متطلبات المواطن بل و يصفق للحكومة إذا ما إنتقصت منها شيئاً أو ألغتها بكاملها ! حتما سيذهب الدكتور بلال إن لم يكن غداً فبعده ..ولكن ستبقى من بعده الصورة الشائهة التي رسمها لذاته بنفسه على جدار الأيام ..بعد أن فوّت سانحة مسحها بجسارة الموقف في غمرة رعبه من العودة إلى درجة المواطنة البعيدة عن الكرسي ويالها من درجة تسمو فوق كل المناصب برافعة العزة لو يعلم الهائمون خلف بريقها الخادع و الزائل لا محالة ! محمد عبد الله برقاوي ..