*المتابع لمجريات الأحداث في السودان منذ إعلان الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما قرار رفع العقوبات الإقتصادية في 12 يوليو الجاري، لم يفجأ بقرار الإدارة الامريكية الحالية بتمديد المهلة التي أعطيت للحكومة السودانية حتى 12 أكتوبر المقبل وفق شروط تتعلق بالجدية في تحقيق التحول الديمقراطي وتأمين وحماية حقوق الإنسان وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات. لن أخوض مع الخائضين في محاولة تفسير أسباب قرار الإدارة الامريكية لأنني أصلاً لم اكن من المتفائلين في ظل إستمرار الأخطاء الكارثية التي ترتكبها الحكومة السودانية وأجهزتها التنفيذية التي كثيراً ما تدخل السودان في معضلات جديدة وهي تحسب أنها تحسن صنعاً. * كنت أيضاً من بين الذين عبروا عن رأيهم من أن المشكلة ليست في إعمار علاقات السودان الخارجة - رغم أهمية ذلك - لأن الأهم والضروري هو إعمار علاقة الحكومة مع المواطنين الذين يعانون الأمرين جراء السياسات التي فشلت في الحفاظ على وحدة السودان ومازالت تهدد أمنه واستقراره ومستقبله. * للأسف لم تجد الأصوات السودانية الداعية لتحقيق الإتفاق القومي والسلام الشامل والإعتراف بالاخر السوداني بكامل حقوقه في وطنه أذناً صاغية، لذلك إستمرت حالة الإستقطاب السياسي والنزاعات المسلحة رغم كل الإتفاقات الثنائية والجزئية المكلفة بلا طائل. *لذلك أيضاً إستمرت الإختناقات الإقتصادية الأكثر كلفة التي أثقلت كاهل المواطن السوداني الذي لم يعد يحتمل المزيد ما المعاناة، وإستمرت الأخطاء الكارثية التي تُسئ لسمعة السودان، والتي لم تسلم منها حتى الرياضة. *حتى بعد قرار تمديد مهلة رفع العقوبات إستمرت "القرارات المشاترة" التي دعا وزير المالية الأسبق عبدالرحيم حمدي في تصريح ل"السوداني" إلى تجنبها في معرض تعقيبه على قرار تمديد الإدارة الامريكية المهلة المشروطة للحكومة حتى 12 أكتوبر المقبل. وزير التعاون الدولي السفير إدريس سليمان - على سبيل المثال لا الحصر - قال في برنامج "حوار مفتوح" في قناة النيل الأزرق" : إن السودان ليس لديه ما يقدمه بعد أن قدم لأمريكا التنازلات لرفع الحظر، وأضاف "الدبلوماسي" إدريس قائلاً" على الامريكان أن يضربوا راسهم بالحيطة"!!. *مرة أخرى نقول : ليس المطلوب من الحكومة تقديم أية تنازلات لأمريكا ولا لغيرها.. كل المطلوب من الحكومة دفع إستحقاقات السلام والتحول الديمقراطي والعدالة وحقوق الإنسان السوداني الأولى بهذه التنازلات المشروعة.