مجلس الوزراء ناقش الموسم الزراعي،ولا ندري فحوى المناقشة،وكاتب التقرير أو المقترحات التي اطلع عليها الوزراء،ولكن النتائج التي خرج بها الإجتماع توضح بما لا يدع مجالا للشك أن عضوية المجلس لا تدري عن الزراعة شيئاً،ولا تقرأ حتى ما يكتب عن مشاكل الزراعة .. ودليلنا أن المجلس قرر في نهاية مداولاته أن يكون سعر تركيز القمح 550 جنيهاً للجوال والذرة 280 جنيهاً .. ويا لسعادة المزارعين وهنائهم بالحراسات والسجون التي سيدخلونها،قياساً على تكلفة إنتاج القمح التي تفوق ال600 جنيه للجوال،وللذرة 450 جنيهاً ..وهي تكلفة قديمة حسبها المزارعون بالتعريفة،بعد حساب ثمن الأسمدة،وإعداد الأرض ،ونظافة الحشائش ،وضريبة الفدان،والترحيل،والجوال الفارغ،والدقاقة،ومع ذلك فالزكاة تؤخذ من المزارع في شكل جوالات قمح أو ذرة،قبل أن يحسب خسارته،والتمويل بالفوائد العالية،ومن قبل ذلك لابد للمزارع أن يوقع شيك علي بياض للبنك،ومعه عقد يتيح نزع الحواشة في حالة عدم السداد. والزراعة تنهار لهذا السبب وأسباب أخرى،والمجلس يناقش الموسم الزراعي،ولا يناقش مشكلة المزارعين..لأن فائدة بنوك وشركات المؤتمر الوطني تأتي عن طريق إفلاس المزارع .. وعندما يفلس المزارع تنزع الأرض،وتعطي لشركات استثمارية،مسجلة بالخارج،لكن أصحابها سدنة وتنابلة..وعن طريق اللف والدوران يحولون الغرض من زراعي لسكني،والفدان يساوي 10 قطع سكنية،والمتر بسعر 3000 جنيه كحد أدنى،فانظر كم يحصلون نظير نزع حواشة واحدة بمساحة 15 فدان!! يحصلون على 180 مليون جنيه(180 مليار بالقديم)،وإن لم يحولوا الغرض فإنهم يؤجرونها للقادمين من دول الخليج لزراعة البرسيم وتصديره،وإن لم يؤجرونها فإنهم يبيعونها للسعوديين والقطريين،ويلتزمون لهم بتوفير المياه بالمجان،وتعبيد الطرق والإعفاء من الضرائب والرسوم. والمجلس يناقش الموسم الزراعي،ولا يلغي قانون 2005،ولا يحقق في سرقة أصول مشروع الجزيرة،وتشليع مؤسسة حلفا الجديدة الزراعية،وتقطيع أوصال مشروع قفا الزراعي . والمجلس حين ناقش الموسم الزراعي لم يناقش تعويضات المزارعين الذين دخلوا السجن بسبب تقاوي القمح الفاسدة،وتقاوي عباد الشمس المضروبة،في سنوات خلت . والمجلس الذي يناقش الموسم الزراعي،لم يكلف نفسه عناء النظر لفاتورة واردات القمح،ولم يسأل عن سبب تضاؤل إنتاج القمح السوداني. وقريباً جدا سيقول المجلس في تقاريره المضروبة أن الأمطار خذلت الموسم الزراعي،وأن عدم رفع العقوبات الأمريكية أثر نفسياً على المزارع كما أثر على سعر الدولار. وعلى أعتاب المجاعة سترسل الحكومة الأمريكية سفن المعونة وهي تحمل القمح لمطاحن السدنة،وعليها الشعار المشهور(هدية من الشعب الأمريكي)،وهذه الهدية ستباع لأصحاب الأفران بالسعر العالي،وهم سيبيعون الرغيفة وزن اللقيماتة بسعر واحد جنيه .. ومن بعد السفن الأمريكية سيأتي خبراء البنك الدولي والصندوق الدولي،بشروطهم الجديدة،وعلى رأسها تخفيض الجنيه،وتصفية ما تبقي من القطاع العام،ورفع الضرائب. ويأتي ناس المخابرات،من أجل صفقات السلاح وإقامة القواعد العسكرية،وإجراء المناورات .. وتأتي المظاهرات..والعصيان ..والإضراب .. وتنتصر الثورات .