معاوية أبو قرون وجد فيها محمد عبدالحى الأصالة التى يبحث عنها فأنشد « الليلة يستقبلني أهلي» تسكنها مجموعات من « كنانة» و « رفاعة» لكنها اصبحت مدينة هجين لكل السودانيين حتى الآن ليس هنالك مصاعب فى سبل كسب العيش ولكن !! سنار مدينة سودانية محبوبة ... أسهمت عوامل تاريخية وجغرافية وإتصالية واجتماعية فى ان تتبوأ مكانتها العظيمة بين المدن السودانية... فمن جهة التاريخ فهى مسكونة بعبقه ففيها كانت السلطنة الزرقاء حيث كانت عاصمة دولة الفونج... وفيها تجسدت كل معانى وقيم الأصالة التى جعلت الشاعر المجيد الدكتور محمد عبدالحى رحمة الله تعالى عليه يقف مشدوهاً عندها فى ديوانه الرائع « العودة إلى سنار» حيث قال فيها ماقال من جميل الشعر التجديدى حيث قال: وهاهى الآن جذوع الشجر الحي ولحم الأرض والأزهار الليلة يستقبلنى اهلي خيل تحجل فى دائرة النار وترقص فى الاجراس وفى الديباج إمراة تفتح باب النهر تدعو من عتمات الجبل الصامت والاحراج حراس اللغة المملكة الزرقاء ذلك يخطر فى جلد الفهد وهذا يسطع فى قمصان الماء «2» سنار أصل تسميتها يكتنفه الغموض حيث لامعنى قاطع للكلمة... ولكن بعض الاقوال غير المؤكدة اشارت الى انها تعنى فى اللغة المصرية القديمة « عاصمة المطر « وذلك لوقوعها فى المنطقة المدارية... ولكن من الحقائق الجغرافية الثابته انه يسودها المناخ القارى الحار الممطر... ففصل الصيف فى سنار تبلغ فيه الحرارة أوجها فى اشهر ابريل مايو يونيو... والامطار تبلغ ذروتها فى شهر اغسطس حيث تصل 160 ملم فهي تبدأ الهطول من مايو وتستمر حتى اكتوبر... هذا المناخ جعل ارضها طينية منبسطة فى المناطق المحازية للنيل وتتخللها التلال من الناحية الغربية على الضفة الغربية من نهر النيل الازرق. «3» هذا المناخ الطبيعى جعل مناخها الاستثمارى جاذباً للقطاع العام والقطاع الخاص للعمل فى الزراعة حيث تنتشر زراعة الحبوب المعتمدة على الرى المطرى فى غرب المدينة بينما تنتشر بساتين زراعة الخضر والفاكهة فى شمالها وهى فى غالبها مملوكة للافراد والاسر... القطاعان العام والخاص وجدا الاستثمار الجاذب كما ذكرنا فى زراعة قصب السكر والصمغ العربى والقطن وزهرة الشمس والسمسم بالاضافة للذرة البيضاء وفول الصويا... «4» خزان سنار هو الآخر أسهم فى اكساب المدينة اهميتها الاقتصادية والتجارية والزراعية والاجتماعية، فهو اول سد فى السودان يتم تشييده على النيل الازرق...وهو سد صخرى تقول وقائع التاريخ ان المهندس الانجليزى استيفن روى شيرلوك هو الذى صممه وبناه ثم اصبح مديراً له... بحيرة السد الاصطناعية تمتد لما يزيد عن 5 كيلومتر فى اتجاه الجنوب وتبلغ السعة التخزينية 390 مليون متر مكعب... يقوم الخزان برى المشروعات الزراعية المملوكة لشركات النيل الازرق الزراعية ومصنع سكر غرب سنار التى يتبع لشركة السكر السودانية ومشروع الجزيرة وامتداد المناقل ومشروع السوكى الزراعى... * * * * * * «5» انتاجية خزان سنار من الطاقة الكهربائية تبلغ 19 ميجاوات تكفى 80% استهلاك ولاية سنار بحدودها المعروفة حيث تستخدم مياه الخزان فى توليد الطاقة الكهرباية الهيدروليكية. «6» حركة التجارة والاقتصاد فى مدينة سنار متنامية ومتطورة وحتى الآن وبرغم الضائقة الاقتصادية التى يعانى منها السودان لاتزال سبل كسب العيش متوفرة ومتيسرة ونتيجة لتوفر الطاقة الكهربائية ومدخلات الانتاج الصناعى المعتمدة على الانتاج الزراعى والغابى فتنتشر فى مدينة سنار صناعات الاثاث المنزلى والزيوت والغزل والنسيج والسماد بالاضافة لصناعة السكر بمصنع سكر غرب سنار وهناك مصنع سكر النيل الازرق بالسوكى تحت التنفيذ. «7» مدينة سنار فى اصلها تسكنها مجموعات سكانية تنتمى لقبيلتى « رفاعة و « كنانة» الا انه يصعب القول بان هناك مجموعة سكانية تدعى انها ملك لها ذلك لانها اصبحت مدينة هجين استوعبت كل السودانيين من كل الانحاء وذلك يعود لموقعها الذى يتوسط السودان فهى مرتبطة بطرق برية وحديدية وتتقاطع عندها ولعلّ ذلك هو سر تسمية جزء من مدينة سنار بمدينة « سنار التقاطع» ... فهى ترتبط بمدينة الابيض ومنها لبقية انحاء غرب السودان فى كردفان ودارفور وهى ترتبط بمدينة الرهد اب دكنة حديدياً ومنها الى الدبيبات وابوزيد والفوله وبابنوسة والمجلد والميرم واويل وواو ... ومن بابنوسة الى عديلة والضعين ونيالا . «8» كل سحر الجغرافيا هذا جعل منها مكاناً جاذباً للانسان حيث خلق منه تفرداً وتعايشاً غير مسبوق وربما ذلك ما ألهم ايضاً الشاعر محمد عبدالحى فى العودة الى سنار حيث قال عن انسانها: الليلة يستقبلنى اهلى ارواح جدودى تخرج من فضة احلام النهر ومن ليل الاسماء تتقمص اجساد الاطفال تنضح رئة المداح وتضرب بالساعد عبر ذراع الطبال * * * * * «9» اذاً سنار تلك المدينة التى قالت تقارير احصائية سكانية تقديرية بان سكانها يبلغ تعدادهم 143.059 نسمة من اصل 1.400.000 يقطنون كل ولاية سنار والتى عادت لها اهميتها ببناء خزان سنار لرى مشروع الجزيرة استطاعت ان تشكل بؤرة جذب لكل السودانيين ففيها تلاقى كل الناس فيها وهذا ماجعل الدكتور الشاعر محمد عبدالحى مفتوناً بتاريخها وتعايش انسانها حين أنشد: الليلة يستقبلنى أهلى اهدونى مسبحة من اسنان الموتى ابريقاً جمجمة ومصلاة من جلد الجاموس رمزاً يلمع بين النخلة والابنوس * * * * * عموماً سنار تصلح لتأسيس عودة المشروع الوحدوى السودانى اذا كانت « العودة الى سنار» على نسق قول عبدالحى ومصلاة من جلد الناموس رمزاً يلمع بين النخلة والابنوس. الوطن