في إحدى ليالي الدوري الثقافي للأندية في شهر رمضان الماضي وخلال مخاطبته لتجمع ثقافي ضخم، قال الأستاذ الأديب محمد يوسف الدقير وزير الثقافة والاعلام بولاية الخرطوم إنه سمع السيد الرئيس يقول إنه ندم ندماً كبيراً على دمج الثقافة مع الاعلام بإعتبار أن الثقافة كوزارة يجب أن تكون قائمة بذاتها من أجل الإبداع ورعاية المبدعين !! ونحن نقول للسيد الرئيس وللسيد الوزير محمد يوسف الدقير وللدكتور أحمد بلال وزير الثقافة والإعلام الإتحادي إن الثقافة طوال عمرها وتاريخها لم تنفصل عن الإعلام لأنه لا توجد ثقافة بدون إعلام، وبالتالي لا يوجد إعلام بدون ثقافة وحتى في العهد المايوي كانت المناقشات دائماً تدور حول تقديم الثقافة على الاعلام أم العكس .. وللمزيد من المعلومات التاريخية من الذكرى فقد كان اسم الوزارة في بدايات الاستقلال «الاستعلامات والعمل» وأعتقد تبادل حقيبتها الوزارية كل من اللواء محمد نصر عثمان ثم اللواء محمد طلعت فريد، وكانت وقت ذاك تتبع لها الشؤون الإجتماعية ومصلحة الرياضة، إلى جانب الإذاعة والتلفزيون والمسرح والفنون الشعبية ... وفي حكومة ثورة اكتوبر الأولى 1964 شغل منصب وزير الاستعلامات والعمل السيد خلف الله بابكر ... وفي الديمقراطية الثانية التي أعقبت ثورة اكتوبر وامتدت حتى انقلاب مايو 1969 شغل المنصب محمود صالح اسماعيل ثم عبد الماجد أبو حسبو وكلاهما ينتميان للحزب الإتحادي الديمقراطي بزعامة الرئيس اسماعيل الأزهري ، وهنا تغير الاسم من الاستعلامات والعمل إلى الثقافة والإعلام، وعند إنقلاب مايو 1969 تغير الاسم إلى وزارة الإرشاد القومي والتي كانت من نصيب الأستاذ محجوب عثمان أحد مؤسسي جريدة الأيام وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، وبعد فترة رجع الاسم القديم في نفس العهد المايوي «الثقافة والاعلام» وتولاها الأستاذ عمر الحاج موسى ثم اسماعيل الحاج موسى ثم نفيسة أحمد الأمين ثم علي شمو في أخريات مايو، وبالمناسبة كانت نفيسة في ذلك الوقت أول امرأه تتولى منصباً وزارياً. واستمر الوضع هكذا وجاءت انتفاضة أبريل 1985 وتولى الوزارة بنفس الاسم الأستاذ الجامعي محمد بشير حامد من جامعة الخرطوم في عهد حكومة الدكتور الجزولي دفع الله .. ثم تولاها الأستاذ الصحفي صاحب الجمرات محمد توفيق «اتحادي ديمقراطي» في عهد السيد الصادق المهدي، أو ما يعرف بالديمقراطية الثالثة، ثم آلت الوزارة لحزب الأمة وتولاها السيد عبدالله محمد أحمد. وعند قيام الانقاذ تولاها الأستاذ علي شمو بنفس الاسم .. الثقافة والاعلام !!. وفي السنوات الأخيرة وعقب اتفاقية نيفاشا أضيفت الوزارة للشباب والرياضة ثم انفصلت عقب الانتخابات عندما وعد السيد الرئيس أهل الثقافة والإبداع بتخصيص وزارة لهم قائمة بذاتها، فكانت وزارة «الثقافة» بعيداً عن الإعلام ثم اندمجت الوزارتان بعد برنامج «التقشف» والآن يصرح السيد الرئيس بفصل الثقافة مرة أخرى.. وعليه فاننا ومن باب المناصحة نقول له إن الثقافة لا تنفصل عن الإعلام!! الوطن