الشاعر السورية كتبت في مجموعتها قصائد عمودية شكلت مفردات أبياتها من عناصر الطبيعة التي تماهت بين الحين والآخر مع ذاتها. ميدل ايست أونلاين بقلم: رضاب فيصل وفي خاطري نهرٌ طوى كل خاطرِ اختارت مجلة "الرافد" الإماراتية الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في إمارة الشارقة ضمن برنامج عددها الجديد سبتمبر/أيلول 2013، أن تبحث عن الشعر لدى الشاعرة السورية الدكتورة بهيجة مصري إدلبي، حيث أصدرت لها ديواناً شعرياً جديداً تحت عنوان "في محراب الذات" ضمّ 17 قصيدةً في 69 صفحةً من القطع الصغير. من عناوين القصائد نكتشف علاقةً عميقة بين الشاعرة وذاتها، بدأتها أولاً من عنوان المجموعة الشعرية الذي هو ذاته عنوان القصيدة الأولى فيها، الشيء الذي تؤكّده بقية العناوين مثل: "سرّان"، "تأويل الصمت"، تكوين"، "وشيت للماء"، "ظمأى إلى المعنى". وأما المضمون فعلى الرغم من تنوعه بين قصيدةٍ وأخرى، إلا أنه ظلّ تحت لواءٍ واحد، تصبّ مجمل كلماته في محراب الذات لدى الشاعرة إدلبي. في حديثنا عن الكلمات، نجد أن مفردات المجموعة الشعرية والتي تنتمي جميعها إلى اللغة العربية الفصحى، إنما تتوسط المكان بين السهل والصعب. أو بمعنىً آخر، قد تكون الكلمات التي استخدمتها شاعرتنا بسيطة وسهلة التفسير والشرح لدى القارئ، إلا أنّ موضعها في الجملة يحيل المعنى إلى آخر أصعب مما يبدو عليه في الظاهر، الشيء الذي تتميز به بهيجة إدلبي في كتاباتها نوعاً ما، وهو الشيء ذاته الذي يمنح شعرها خصوصيته في الزمن الذي أصبح فيه الشعر عند بعض شعراء العصر الحالي، مجرد كلمات شعرية تحمل معنىً واضحاً تصطف بما يشبه النثر أكثر منه الشعر، بعد تكسير كثير من القواعد الشعرية القديمة والحديثة. وكمثال على ذلك من مجموعة إدلبي "في محراب الذات"، نأخذ ما كتبته في قصيدتها "كهف الرؤى": كأن منفاي تأويلات ذاكرتي ينزاح بالوصف عن تأويلها الوصفُ ما أحرف الوجد بي إلا فيوض دمي سقفٌ أنا للرؤى ما بعده سقفُ وهنا أيضاً نجد، أن نمط شعر هذه المجموعة يندرج تحت قائمة القصيدة العمودية مع أن الحداثة الشاعرية بدت واضحةً أثناء القراءة. فقد كتبت القصائد على شكل أبيات ذات وزن واحد وقافية واحدة، وكانت الرومانسية العلامة المميزة لها، حيث أنّها أي شاعرتنا تغوص في البوح عن ذاتها التي امتلأت شغفاً وطمأنينةً في الوقت نفسه، ساعيةً إلى التفاصيل الكامنة ما وراء الكلمات وما بين السطور مع التأكيد على جمالية الغموض، ونراها تقول في قصيدتها "تأويل الصوت": هو الشوق لا يلقي مراياه كلها ويطويه في كهف الغوايات نومه أرى فيه ما لا تستطيعه أحرفي فأجمل ما في الغيب في الغيب كتمه وأجمل ما في الصمت تأويل صمته وأجمله كالشعر إن غاب فهمه في مجموعتها "في محراب الذات"، ثمة علاقة قوية بين إدلبي والطبيعة، تشبه تماماً علاقتها مع ذاتها، حتى أننا قد نلمح أحياناً إيحاءات تقودنا إلى أن الذات تعيش حالةً مثاليةً من التماهي مع عناصر الطبيعية، فبالإضافة إلى أنها ضمنت عناوين قصائدها من تلك العناصر مثل "وشيت للماء" و "بوسع الماء"، إلا أن المواضيع المطروحة تطرح الفكرة التي نقولها من خلال المفردات والعبارات المستخدمة. وهو ما نجده على سبيل المثال في قصيدة "على ضفتي آلائه": وفي خاطري نهرٌ طوى كل خاطرِ وأرسل سراً سره في السرائر وأوحى.. سعت تمشي على الماء أحرفي تغَّشاها فوق الماء إيماءُ ساحرِ ...... أتي وفي روحي صلاة أقيمها على الماء حتى تنجلي في خواطري فنادت علي الريح تلقي سلامها وقالت: هنا الأسرار من غير آخرِ