لا يخلو الحديث حول تفاصيل الشأن الديني من حولنا ولو في بعده الاجتماعي من محاذير ومخاطر ، لكن حتما هناك ما يفرض عليك الولوج بتفاصيل تستدعي وقفات نقدية وتشخيصية ، عندما تواجهك ظواهر لا تنفصل عن صلب عناصر حياتنا كافة في زمن بات الجميع يتربصون فيه للدين الاسلامي ويبحثون عن ثغرات تعطيهم شرعية الانتقاد وكيل الاتهامات له. الحاصل هذه الايام اننا بتنا نلحظ مظاهر مقلقة دهمت عزلة النقد وشدتها راضية او حتى كارهة الى النشاط ، لتشويه صورة الاسلام ، متمثلة بعدة صور لا تمت للاسلام بشيء وفق علماء ومفكرين اسلاميين ، وكان من بينها ظاهرة مثيرة للجدل متمثلة في ما يسمى "الحجاب العصري" أو "حجاب الجينز" الذي نراه هذه الايام ، حيث بتنا نرى بعض الفتيات يعتبرن أنفسهن "محجبات" فيما يقتصر حجابهن على غطاء الرأس فقط ، وكأن العورة هي الشعر وحده ، في حين ترتدي ملابس مثيرة للانتباه وغير محتشمة وبعيدة كل البعد عن أصول الزي الاسلامي. وبطبيعة الحال فان هذه القضية لا ضبابية فيها شرعا ، فالدين واضح والحسم الشرعي بها لا مجال فيه للجدل ، والدليل القاطع قدمه الله تعالى في القرآن الكريم ، في قوله تعالى "وَلا يُبْدًينَ زًينَتَهُنَّ إًلا مَا ظَهَرَ مًنْهَا وَلْيَضْرًبْنَ بًخُمُرًهًنَّ عَلَى جُيُوبًهًنَّ وَلا يُبْدًينَ زًينَتَهُنَّ إًلا لًبُعُولَتًهًنَّ أَوْ آبَائًهًنَّ أَوْ آبَاءً بُعُولَتًهًنّ". (النور: الآية31). ومن الأدلّة القرآنية ايضا على وجوب احتجاب المرأة وسترها قوله تعالى: "يا ايُّهَا النَّبًي قُل لاًزْواجًكَ وَبَنَاتًكَ وَنًسَاء الْمُؤْمًنًينَ يُدْنًينَ عَلَيْهًنَّ مًن جَلابًيبًهًنَّ". (الاحزاب) ، وبذلك تكون الامور جليّة واضحة لا تتطلب سوى التطبيق العملي لهذا النهج المخطوط بأحرف من نور تهدي من ينظر لها بقلب الراغب برضا رب العباد. والمقلق في الامر ، إن لم يكن المخيف فيه ، أن بعض الفتيات يدركن أهمية الحجاب دينيا وأنه فريضة على المسلمات كافة ، ولكنهن يطبقن هذه الفريضة بصورة خاطئة جدا ، لا علاقة لها بالحجاب الشرعي بالمطلق ، الذي يجب ان يتسم بان يكون الزي فضفاضا وكاسيا لأجزاء الجسم كافة ويخفي عورات المرأة ، وفق فقهاء الدين ، فيما يبدو لكَ المشهد هذه الايام.. عن بعد أنها فتاة تسير بملابس عادية ، ترتدي من احدث الموديلات وآخر صرعات الموضة ، أيا كان نوعها ، حتى ان الامر لا يخلو من الزي المثير للانتباه ، لتفاجأ عند التدقيق بأنها فتاة محجبة.. لكن الامر ليس اكثر من غطاء للرأس،. وبطبيعة الحال ، لا يمكننا في طرح كهذا أن نتجاهل المستجدات الحضارية التي يمر بها زمننا ، وضرورة اللحاق بها وبطبيعة الحياة ونمطيتها الحديثة ، ولكن علينا ان ندرك ان ما يحدث في هذا الشأن جعل من هذه المستجدات موحشة نلحق بها بعشوائية تتضاءل فيها بذرة الخير التي انطلقت منها فكرة "الحجاب" لتصبح مجموعة تناقضات موزعة وضائعة بين مفاهيم تحاكي الدين في مبدأ الفكرة ، وتقاليد اجتماعية تفرضها الاسرة والمجتمع ، ورغبة التطور والسير نحو "الأناقة" العصرية ، وتلك كلها اوضاع سلبية من القاع الى السفوح الى قمة المجتمع. الزميلة "الدستور" وقفت على واقع هذه الظاهرة التي لا شك أنها تثير جدلا في ذهن اي منا وهو يلتقي "محجبة" لا تتقيد بحرفيّة الزي الإسلامي الذي يليق بديننا ، واضعة الأمر على طاولة التدقيق والتشخيص امام فقهاء الدين ومختصين بعلم النفس والاجتماع ، لتبدو الأمور اكثر وضوحا في كل ابعادها وتجيب على استفسارات جدلية باتت تلف بهذا الموضوع وتفرض الحديث بشأنه بكل وضوح ومع كل المعنيين. واتفقت الاراء كافة على أن هذا النوع من الفتيات يصنف من النمط الذي وصفه الدين ب"الكاسيات العاريات" حيث اختلطت الأمور عليهن ، واصبحت المفارقة هي الغالبة على مفهوم الحجاب لديهن ، وانقسمت القناعة لديهن للتوزع على الاصول الدينية وضرورة التقيد بها ، والمستجدات التي تشهدها المرحلة وضرورة ملاحقة الموضة بكل اشكالها ، اضافة الى مواصفات الجيل نفسه الذي يعيش على مفترق طريق لا يعلم اين هي وجهته الصواب. وتعاملت الاراء مع الامر بحذر ، مؤكدين ان ما نراه في ايامنا من ان بعض النساء يلبسن البنطال الضيق وفوقه القميص القصير لا يعد شرعيا ، رافضين ما يحدث في هذا الاطار الذي بات يفتح الباب على مصراعيه لكل من يتربص بالدين الاسلامي ويبحث عن أي سلبيات ينتقدها فيه. «الإفتاء»: غير جائز اشترطت دائرة الإفتاء العام في لباس المرأة ان يكون واسعاً فضفاضاً وألا يصف أو يشف ما تحته. وأضافت ان قيام بعض الفتيات بارتداء لباس هو عبارة عن بنطلون جينز أو غيره وقميص أو (بلوزة) ووضع غطاء على الرأس (إشارب) ، غير جائز وانه ينبغي للمرأة المسلمة ان تحرص على اللباس الشرعي الساتر الذي ليس فيه ضيق ولا رقة ولا يصف البدن وليس فيه تشبه بالرجال. وأضافت الدائرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى المرأة ان تلبس ما يحكي بدنها ، مشيرة الى قول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "يَا أَيهَا النَّبيُّ قُل لأَزْوَاجًك وَبَنَاتًك وَنًساءً الْمُؤْمًنًينَ يُدْنًينَ عَلَيهًنَّ مًن جَلابًيبًهًنَّ ذَلًك أَدْنى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحًيماً". (الأحزاب 59).