تلوث المياه يعرف بأنه هو أي تغيير فيزيائي أو بيلوجي أو كيمائي يحدث للمياه ويشكل خطرا على سلامة استخدامها في البيئه ..واليوم أود أن اتناول تلوث المياه بواسطة المبيدات .. وكل العالم من حولنا اليوم يتحدث عن التلوث غير المباشر مثلاً أن استخدام المبيدات الزراعيه باستخدامها قد تصل الى المياه الجوفيه ومنها للانسان أو أن المزروعات التي يتم رشها بالمبيدات قد تختزن متبقيات هذه المواد الضاره عندما يأكلها الانسان وهكذا ,, ولكن كلنا نعرف أن المبيد ليصل الى جوف الارض قد يصبح أقل خطراً بمروره عبر طبقات الارض وتتم تصفيته ومتبقيات المبيدات على الخضروات قد يقل خطرها بعد تقشيرها وغسلها وطبخها وهكذا ولكن أن يشرب الانسان المياه الملوثه مباشرة فهنا يكمن الخطر !! في السنين الأخيره ظهرت تقنيات القضاء على الأعشاب بمبيدات الاعشاب وخاصه في مناطق الزراعه الآليه وبعد نزول الأمطار تنجرف هذه المبيدات مباشرة الى الحفائر التي يشرب منها كل اهل هذه المناطق هم وماشيتهم والشرب من تلك المياه يعتبر تناول كميات تتجاوز الحد الآمن وقد يصل الى الجرعه القاتله في بعض الأحيان .. أغلب المبيدات والاسمده الكيماويه تحتوي على عناصر ثقيله في تركيبها مثل الرصاص والزئبق والكادميوم والنحاس والكروم والكوبلت والنيكل والزنك والزرنيخ والبيريليوم وغيرها وأغلب هذه المركبات له الصفه التراكميه فهي تتراكم في جسم الانسان أو الحيوان وباستمرار التناول وعندما تصل الى الحد القاتل تمثل جرعه قاتله وتؤدي الى موت الانسان أو الحيوان وتصل مدة بقائهافي التربه سنين عددا فوجد مبيد ال DDT بعد 12 سنه من استخدامه في مصر وفي دراسه قام بها زملاء بجامعة الخرطوم عن اثر متبقيات المبيدات في حليب الامهات فوجدوا أثر هذا المبيد بحليب أحد الأمهات في منطقة فداسي بالرغم من ان نميري اوقف استخدامه من 1973 م وكانت هي طفله ايامها . والأخطر ايضا أنها اثناء اختزانها في جسم الانسان قد تتسبب في امراض كلها تعتبر خطيره مثل الفشل الكلوي والسرطانات وتضخم الكبد والربو والحساسيه والأورام وتصلب الشرايين وتشوهات الأجنه ونفوق المواليد والموت المفاجئ وغيرها .. قد تصابون بالدهشه عندما تعلمون أن شركه واحده فقط استوردت في عام 2012 فقط مايقارب ال ( 418 ) طن من مبيد أعشاب يستخدم في القضاء على الأعشاب في مناطق الزراعه الأليه .. وذكر مسئول المبيعات فيها أنه باع في مكتب سنار فقط أكثر من 500 ألف لتر ( 500 طن ) , فان تسرب من هذا المبيد نسبة 1 % وانجرفت مع مياه الأمطار فهذا يعني أن الحفائر في هذه المنطقه يتجمع بها مايقارب ال (5000 لتر ) ( 5 طن ) من المبيد وكل هذه الكميات يشربها الانسان من الحفائر وماتبقى تشربه المواشي والتي قد نتناوله منها من حليبها أو لحومها .. وقد يصيبكم الهلع عندما تعرفوا أن بعضها يصل متبقياتها الى 40 % من النسبه المستخدمه في التربه . هذا التلوث رفع من نسبة وفيات الاطفال حديثي الولادة في ولاية القضارف الى 1.9 % ونسبة وفيات الحوامل اثناء الولاده الى 5 % والاجهاضات 6% واذا افترضنا أن هذا هو تقرير وزارة الصحه يعني أنهم منقنصها ولو افترضنا أن الخدمات الصحيه تغطي 34 % من السكان وسكان الريف يمثلون 65 % من سكان الولايه فهذا يعني أن الرقم أكبر بكثير .. هذه المشاكل تتزايد في المناطق التي يشرب سكانها من الحفائر القضارف ودارفور والنيل الابيض والنيل الازرق و كردفان .. المتابع للاوضاع يلاحظ بصوره واضحه جدا زيادة اعداد مرضى الفشل الكلوي والسرطانات بالمستشفيات حتى بلغت اكثر من 13000 حالة وصلت المشافي بينهم 5000 طفل والذين اجروا عمليات زراعه أكثر من 2000 شخص . وكلنا نسمع ونرى معاناتهم وهم يقومون باغلاق الطرق احتجاجا على توقف خدمات الغسيل ولأول مره يستجلب السودان هذاالكم الهائل من مكائن غسيل الكلى . قد يموت أغلب سكان الريف ان لم تقم الدوله بدورها في توفير مياه شرب نقيه خاليه من الملوثات واتباع سياسه زراعيه متقدمه بترشيد المبيدات واستجلاب مبيدات ليس لها اثر متبقى أو قليلة الأثر والتحول للزراعه العضويه . وان تقوم الشركات التي تستورد هذه المبيدات بالمساهمه الاجباريه في بناء مشافي وتوفير خدمات صحيه بالمناطق التي تلوثها بمبيداتها أو مقاضاتها في حال امتناعها عن ذلك . وأن تقوم الدوله بدورها في عدم تلقي أي مبيدات في شكل معونات لأن أغلب الدول المانحه بها كميات كبيره من المبيدات منتهية الصلاحيه ترغب في اهداءها لمن يرغب وبذا تكون قد تخلصت من مخلفات تمنع قوانين دولهم دفنها أو التخلص منها هناك ..حيث يوجد هناك أكثر من 7000 طن بدوله اوربيه واحده . لا أن تصبح الدوله مستورده لمبيدات منتهية الصلاحيه وتستخدمها دون رغيب وكلنا نتابع المبيدات الفاسده وقضاياها عبر الصحف والوزير الذي يدافع ويقول : ( الفرق بيننا وبينهم أنهم يقولون أنها مبيدات فاسده ونحن نقول انها منتهية الصلاحيه ) . [email protected]