بسم الله الرحمن الرحيم كنت قد فكرت فى ارسال هذه الرسالة الى وزير المعادن فى اول اسبوع من اكتوبر 2013 عندما اعلن عن توقيع اتفاقيات للتنقيب عن الماس فى ستة ولايات وان الماس موجود بكميات كبيرة فى السودان. ولكن عندما استفسرت من زملائى عن وجود الوزير بالخرطوم علمت بانه سافر الى ايرلندا لزيارة ابنته التى تدرس هناك . قبل شهر سافرت الى الصين وعلمت بان الوزير سوف يزور المدينة التى كنت فيها .فكرت لمقابلته والتحدث اليه ولكن لاسباب كثيرة فضلت مغادرة المدينة الى جدة قبل حضوره. بعد وصولى علمت بانه لم يزر الصين لوجود تغيير وزارى وشيك. يوم الجمعة الموافق 23 نوفمبر 2013 صليت الجمعة فى الحرم المكى وبعد الصلاة اشتريت صحيفة الخرطوم من السيوبرماركت الذى يوجد بجوار الحرم وجلست اتصفحها فوجدت تصريحا لوزير المعادن يقول فيه :- " التعدين ساهم فى اختفاء الحمير وظهور البكاسى" وفى التفاصيل زاد " بان ابواب الخشب قد تغيرت الى ابواب حديد وان المهور قد ارتفعت وتزوج الذين اعمارهم 40 سنة" واعتبر ذلك مساهمة حقيقية فى مكافحة الفقر ومعالجة العطالة. ايضا قال الوزير " ما فى زول فى الدنيا احرص مننا على البلد دى. وعملنا ما قاصدين بيهو سلطة ولا رياء ولا سمعة وانما لخدمة الوطن والمواطن." بجانب هذا التصريح يوجد تصريح اخر لوزير المعادن يكشف فيه وجود 260 موقعا تنتج 18 الف طن ذهب بمبلغ 900 مليار دولار وان 150 الى 200 الف خريج جامعى يعملون فى التعدين الاهلى وان 70 الى 80% من حجاج هذا العام كانوا معدنين او ذويهم يعملون فى مجال التنقيب عن الذهب." حقيقة تاثرت كثيرا لهذه التصريحات التى اطلقها الوزير امام رئيس مجلس الولايات وفى زيارة الى منجم السلام شرق العبيدية ولا اعرف لماذا لم ياخذ ضيفه الى موقع التعدين العشوائى وهو على بعد خمسة كيلومترات ليشاهد الضيف الذين ركبوا البكاسى وحجوا هذا العام. قبل شهور اصطحب الوزير جميع رؤوساء الصحف الى نفس الموقع ليكتبوا عن انجازات الوزارة . كنت اظن بان المسؤوليين قد تعلموا الكثير من احداث سبتمبر التى كانت الشرارة فيها تصريح الهوت دق وتصريح الدكتور مصطفى اسماعيل عن الرخاء الذى يعيشه الشعب السودانى. لقد نقلت قناة الجزيرة معسكرات التعدين العشوائى للعالم ليشاهدوا البؤس والفقر الذى يعيش فيه هؤلاء البؤساء الذين اضطرتهم ظروف الحروب الاهلية فى دارفور وكردفان والنيل الازرق الى المغامرة بحياتهم ويجوبوا الصحارى من اقصى الغرب الى اقصى الشرق حتى وصلوا الى داخل الاراضى المصرية لتعتقلهم قوات الامن فتتدخل رئاسة الجمهورية للافراج عنهم. المئات يفقدون حياتهم فى انهيارات الابار وفقد الاكسجيين والحروب القبلية من اجل ملكية ابار الذهب كما حصل فى جبل بنى عامر قبل ان تغادر طائرة الوزير وذلك لتصريحه بان المنطقة تنتج عشرون طنا من الذهب وياتى وزير المعادن ويتحدث عن البكاسى وابواب الحديد والرفاهية التى يعيش فيها هؤلاء البسطاء. يتحدث وزير المعادن عن 900 مليار دولار كدخل قومى من انتاج الذهب فى الوقت الذى يعلن فيه وزير المالية فى الملتقى الاقتصادى عن عدم وجود العملة الصعبة فى البنوك. اما عن الاف الخريجيين الذين توجهوا الى الصحارى للعمل تحت ظروف قاسية و تحت اشعة الشمس والنوم فى العراء مع العقارب والثعابين لعدم وجود وظائف تناسب مؤهلاتهم فاود ان اسال الوزير هل مع هؤلاء ابناء وبنات واخوان واخوات الوزراء والمسؤوليين ام هم ابناء البسطاء من شعبنا؟ وهل ابنة الوزير التى تدرس فى ايرلندا سوف تلحق بهم ام ستجد الوظيفة جاهزة فى مكتب مكيف وسيارة الوزارة الخاصة بالعائلة تنتظرها؟ عندما تم تعيين الوزير ارسلت له رسالة عن طريق مدير عام هيئة الابحاث الجيلوجية شرحت له فيها الطرق المثلى لاستغلال الثروات المعدنية فى السودان بحكم عملى فى مجال التعدين لمدة تصل الى 39 عاما ومشاركتى مع زميل لى فى تطوير منجم السلام شرق العبيدية ليكون نواة لصناعة التعدين تشارك فيها الراسمالية الوطنية وتمولها البنوك الوطنية ولكن لتشجيع الوزارة للتعدين العشوائى وتوزيع المربعات لافراد لا يملكون ثمن وجبة غداء بصورة عشوائية والفساد المستشرى فى وزارة المعادن والشركات الوهمية غادرت السودان مرة اخرى وقلبى على وطنى وكما قال الشاعر الكبير نزار قبانى " سافرت كثيرا حتى وصلت الى سور الصين العظيم ولكن قطط العبيدية تموء تحت سريرى ولا تزال رائحة الحلو مر تطلع لى من كل حقيبة افتحها". عندما سلمه المدير العام الرسالة طلب منه تلخيصها له وعندما انتهى قال له بان لديهم اولويات وطرق اخرى. منذ ذلك الوقت اتمعن فى تصريحات الوزير لكى اعرف هذه الاولويات والطرق الاخرى. لا اعرف لماذا يتم تعيين وزراء فى وزارات فنية مثل وزارة المعادن اشخاص لا يعرفون ابجديات العمل الجيلوجى والاستكشاف عن المعادن ومراحل العمل الجيلوجى. فى اول اجتماع للوزير بالعامليين فى الوزارة قال لهم "ما تصدقوا الجيلوجيين – العنقالة بينتجوا فى الذهب. " مع ان وزارة المعادن تضم خيرة الجيلوجيين والسودان ملى بالدكاترة والبروفسيرات فى علوم الجيلوجيا وعلوم استكشاف وتقييم المعادن يصطحب الوزير معه اربعة عشر ضابطا من الرتب الكبيرة الى وزارة المعادن ويحجز لهم طابقا كاملا ليشرفوا على ما يسميه الوزير التعدين الاهلى والذى يدخل الى خزينة الدولة 900 مليار دولار. فى اجتماع للوزير مع شركات التعدين طلب منهم بدء الانتاج خلال شهور فخاطبه احد الجيلوجيين من اليمن بانهم لن يتمكنوا من الانتاج حتى ولو اشتروا الذهب من السوق. وعندما اصر الوزير على قراره استاذن الجيلوجى اليمنى من الوزير وقال له:- "بصراحة ممكن تكون ادارى ناجح ولكن لا تعرف الجيلوجيا". اما عن حديث الوزير بانه لا يوجد احد احرص منه على السودان وانه لا يعمل من اجل الشهرة فاود ان اقدم له نصيحة خالصة من كل قلبى تنجيه من غضب الله والخزى يوم القيامة كما جاء فى كتاب رياض الصالحيين للامام ابى زكريا النووى الدمشقى فى صفحة 244 كالاتى:- عن ابى ذر رضى الله عنه قال :- قلت يا رسول الله الا تستعملنى؟ فضرب بيده على منكبى ثم قال "يا اباذر انك ضعيف وانها امانة وانها يوم القيامة خزى وندامة الا من اخذها بحقها وادى الذى عليه فيها" رواه مسلم . وحقها فى هذا الزمان المعرفة والتخصص. فبما انك غير متخصص فى علوم الجيلوجيا ولا تود الاستعانه بالمتخصصين فى الوزارة بل تسفهم وتهينهم امام الجمع فارجو ان تعتذر للمسؤوليين فى تولى هذه الامانة وتنتقل الى مجال تستطيع فيه خدمة هذا الوطن الذى تحبه اكثر من غيرك. اللهم انى بلغت فاشهد. اللهم لا تولى علينا شرارنا واحفظ بلادنا من شر ابنائه . تاج الدين سيد احمد طه – جوال :- 00966534693362 جدة – المملكة العربية السعودية