لم أكن لأتخيل أن يتجرأ كاتب أكاديمي ومثقف سوداني ويطلق لقلمه العنان لينزف حرقة وأسى على حالنا وحياتنا السياسية لدرجة تحل له أن يوفي سفاح الأبرياء وقاتل الأطفال والنساء حقه ويضعه في مقارنة مع قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي. وهي أيضاً مقارنة مفتوحة كما أراد الكاتب ولا تقف عند السيسي بل تشمل كل قادتنا وساستنا في العالم العربي خاصة والإسلامي على وجه العموم. أختلف إختلاف كبير، ولا رجعة فيه، مع كاتب المقال فيما ذهب إليه من تسمية لما حدث في مصر في 30 يونيو 2013 على أنه إنقلاب وكأنه مسكون بنكسة 30 يونيو 1989 وذلك الإنقلاب الأخواني الذي وضع بلادنا في درك سحيق وقاع لم تحل به أي دولة في التاريخ الحديث. فليسمه الكاتب إنقلاب ولكنني أسمه عوار ثقافي. درست في مصر وعملت فيها فعرفت أن غالبية الشعب لا تثق في أن تكون بمنأي عن سطوة العسكر والمؤسف حقاً أن تلك الغالبية لا تعنى البسطاء كما يبدو من صياغة الحديث ولكنها تشمل الكثير من المثقفين والأكاديميين والأعلاميين النفعيين الذي يعرفون عجزهم وضعف مقدراتهم وشخوصهم في نيل المطالب ولاحياة ولا حيلة لهم غير التملق ومسح جوخ العسكر. فهؤلاء هم الذين وأدوا الديمقراطية في بلادهم وصورا للعسكر وبإصرار شديد أن شعبهم ليس مؤهل للديمقراطية بعد. فليس المقصود بالنفي هو مرسي أو الأخوان بل الديمقراطية نفسها وإخواتها من شفافية وحرية ومصداقية ومسئولية وتنافسية ...إلخ. لا ألوم ولن ألوم الفريق السيسي فإن لم يفعلها هولفعلها غيره من الجيش، فتلك هي المؤسسة التي تؤمن بالفوقية الطبقية على شعبها وتلك هي عقيدتها وأنهم هم الأسياد طالما ما كان بيدهم السلاح وهذا هو العوار المجتمعي الثقافي العربي المحض الممتد من الخليج إلى المحيط وكفي وصف ونبش وعويل. لا أكتب لجدلية عما إذا كان الأخوان، وبإسلامهم السياسي، هل هم مخطئؤن أم أنهم مظلومون أم أنهم ضحية مؤامرات داخلية وإقليمية ودولية فليس هذا ما أصبو إليه. فقط أتمنى أن يقف كل الناس عند تلك الحقائق الواردة في المقال الذي كتبه شهاب فتح الرحمن محمد طه في http://www.alrakoba.net/articles-act...w-id-44403.htm وتناول فيه سرد حياة اليهودي الصهيوني أرييل شارون بموجز ولكنه وضعني مع الكثيرين في حرج مبين وجرح نفسي غائر دفين. هل وصل بنا الحال لهذا الدرجة من الإفلاس حتى لا نجد شخصية وطنية في عالمنا العربي لتكون مرجعية يستدل بها ومضرب مثل تعقد حيالها المقارنات؟ الإجابة وللأسف الشديد نعم. نحن في إفلاس وفقر متقع لرجال بوطنية شارون. ساستنا وقادتنا لصوص وحتى من كان عفيف اليد فهو معتل بالنرجسيةnarcissistic واالتباهي ولا يخلو من مكر وخبث وهوس بالجنس اللطيف ومن بعد ذلك مصالح الأهل والعشيرة والبطانة. ولا أقصد باللصوصية سرقة المال وحسب بقدرما أقصد سرقة المناصب لنيل أغراض خاصة ومنافع دون تقديم نفع لمواطن أو وطن. فالمواطن والوطن ليسوا أولوية عندهم،، بل أعرف أن هناك من يسعى لنيل منصب وزاري في بلادي، حتى ولوبضعة أشهر، ليس من أجل أن يقدم شيء لوطنه ومواطنيه وهو واثق أنه لن يستطيع أن يحدث أي تغيير أو تطوير ولكن لكي يكسب وضعية تضاف في سيرته الذاتية وحتى يتثنى له كسب إمتيازات وفرص أفضل في وظائف الأممالمتحدة ومنظماتها وحتى دول الخليج، كما قال لي أحدهم وبعظمة لسانه. فقط تخيلوا ولا تصدقوا! ولكن علينا التوقف لحظات وأيام وساعات وأشهر وسنوات غير معدودات عند تلك المقارنة ما بين قادة اليهود الذين يقدسون موطنهم وقادتنا الذين يقدسون الذات والشهوات والذوات. وشكراً، سيدة باسعيد أكاديمية وباحثة إجتماعية بسلطنة عمان [email protected]