ما زال مسلسل الجرائم التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بولاية شمال كردفان مستمراً ، وأصبح من العسير متابعة الإنتهاكات التي يقوم بها هؤلاء علي مستوي الولاية ، لأنها جرائم متكررة ومتنوعة تتراوح بين القتل والإغتصاب والسرقة والنهب وتقع في مناطق مختلفة وفي أزمان قد تتطابق وقد تتباعد ، وكنا قد حذرنا من إستمرار مثل هذه الممارسات خاصة مع صمت السلطة العامة إزائها سواء أكان ذلك ناتجاً عن رضا منها عن هؤلاء أو خوفاً منهم . و ذكرنا أن الجماهير سوف لن تصمت طويلاً . وكنتيجة للممارسات السابقة وآخرها مقتل الشاب / محمود عيسي فقد قامت جماهير الولاية اليوم بهبة شعبية عارمة ضد هذه الممارسات وسيرت مسيرة إشترك فيها وإنضم لها الآلاف من الشيوخ والشباب والنساء ، وكتعبير عن عميق حزنهم وحسرتهم وغضبهم علي ما آلت إليه الأوضاع فقد إنبري أحد الشيوخ مخاطباً الوالي أمام هذه الحشود وبلهجة واضحة وفيها كثير من الثقة والتحدي ، وذلك عندما وعد الوالي بإخراج هذه القوات خلال ساعات فقط من حدود الولاية ، قال هذا الشيخ مخاطباً الوالي ؛( من اليوم دا إذا في إمرأة واحدة تم إغتصابها نحن ما بنعرف غيرك وحنغتصبك إنت ، وإذا في أي زول قتل نحن ما بنعرف غيرك وسوف نقتص منك إنت ) . هذا هو إنسان هذه الولاية الذي يرفض الظلم والإستهانة به فكان رفضه واضحاً وقراراته قاطعة بان لا وجود لهذه المليشيا بينه ، فأما الإستجابة الفورية لقراراته وإخراجهم من هذه الولاية ، أو فإنه قادر علي وضع الأمور علي نصابها وتحقيق كل آماله وتطلعاته . التحية لجماهير الولاية وهي تخوض معاركها ضد الظلم والطغيان ، وأن معركة الجنجويد هي معركة من عدة معارك تحتاج لوقفات للتعبير عنها ، مثل الجبايات والرسوم والأتاوات التي فرضت للنفرة ، والغلاء الطاحن وإرتفاع الأسعار ، وغيرها من المواضيع . نري أن خروج الجنجويد لا يغلق هذا الملف فلا بد من معرفة من أحضر هؤلاء لهذه الولاية ليتحمل المسئولية عن كل الفظائع التي أرتكبت ، ولا بد من فتح تحقيق شامل لكل الجرائم التي أرتكبت والمتضررين والمتهمين ، ليترك الخيار للمتضررين أو أولياء الدم بعد ذلك بملاحقة المتهمين أو العفو عنهم . إذا توحدت الجماهير فبإمكانها فعل الكثير الذي يحفظ كرامتها وشرفها ويصون حقوقها .