تشهد العاصمة الأثيوبية أديس أبابا المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال . وطرح كلا الوفدين رؤيتهما التفاوضية التي هي الآن محل شد وجذب بين الطرفين، نقول ذلك لأن الاتهامات المتبادلة بين الوفدين بعدم الجدية أخذت تجد طريقها لوسائل الإعلام، الخلاف بين الطرفين يتركز علي ضرورة اقتصار التفاوض على قضايا المنطقتين حسب وجهة نظر المؤتمر الوطني، بينما ترى الحركة الشعبية قطاع الشمال أن يتم التفاوض على ملف الأزمة السودانية بكل تعقيداتها. لقد رحبنا بالقرار الدولي(2046) ونظرنا موجه ناحية المواطنين الذين ذاقوا الأمرين نتيجة الحرب وتبعاتها، ونرحب بأي جلسة مفاوضات، وذلك من منطلق إيماننا بالحوار كوسيلة لبحث كل المشاكل، ولأن الحوار يعزز قيم المشاركة وتفهم وجهة نظر الطرف الآخر، ومن هنا فإننا ننظر للمفاوضات كوسيلة ناجعة لوضع حد لمآسي النزاعات. المؤتمر الوطني يخوض جولة المفاوضات هذه استجابة لضغوط دولية لذلك يعاند باصرار لاقتصار التفاوض حول قضايا المنطقتين، في الوقت الذي يرفض فيه حتى إبداء حسن النية تجاه هذه الجزئية من ملف الأزمة السودانية الشائك، متناسياً واجب الحكومة ومسؤوليتها تجاه مواطنيها في الولايتين، ويرفض مجرد وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية والمأوى الآمن للمدنيين. قضية الحرب والسلام في السودان مرتبطة بشكل لصيق بأزمة الحكم وطبيعة الدولة وقضية العدالة والتنمية، وعلى ذلك الأساس لا يمكن تجزئة قضايا السودان، فالأزمات تعبرعن نفسها في كل ولايات السودان بشكل من الأشكال، لكن تبقى الأزمة واحدة . إن معالجة الأزمة من جذورها بيد أهل السودان ومع كل التقدير للجهود الإقليمية والدولية، فأن الأمر رهين بالإيمان والإقتناع بأن الوقت قد حان لترك أسلوب المساومة والمقايضة والنظر لمصلحة السودان وأهله، وإن الحل يبقى في الجلوس في مائدة حوار بمشاركة كل القوى السياسية والمدنية. فى مؤتمر دستوري يخوض في القضايا الشائكة دون حواجز حتى نصل لإجابة للأسئلة المعلقة، وحتى نصل لدستور يرى فيه كل المواطنين أنفسهم ومناطقهم وأحلامهم الفردية كمواطنين على مستوى المنطقة والإقليم .