محاولات اغتيال الصحافة السودانية التي درج عليها جهاز الأمن في إطار حماية حكومة البشير تبدأ بمنع الصحفي من الكتابة، ثم بإرغامه على الركوع. الخرطوم – حذر إعلاميون وناشطون في منظمات تعنى بحرية التعبير من تداعيات منع جهاز الأمن السوداني لصحفيين بعينهم دون الآخرين من الكتابة في الصحف السودانية، في انتهاك صارخ للحقوق الأساسية التي كفلها الدستور السوداني. ويعيش الصحفيون السودانيون ظروفا غاية في الصعوبة، حيث درج جهاز الأمن، في إطار حماية حكومة البشير، على تكميم الأفواه المعارضة ومحاربة الرأي الآخر بشتى الطرق، من خلال حرمان صحفيين من الكتابة في الصحف، دون إبداء أسباب محددة. وتبدأ الخطوة بإخطار رئيس التحرير هاتفيا بعدم رغبة الجهاز في استمرار صحفي ما في الكتابة في الصحيفة، وينفذ رؤساء التحرير مضطرين خوفا من جزاء عقابي يتمثل في الحرمان من الإعلانات الحكومية أو مصادرة الصحيفة من المطبعة بعد طباعتها. الصحفي عثمان شبونة الموقوف من الكتابة مؤخراً، يقول في حديث ل"العرب"، إن المنع من الكتابة هزيمة ساحقة للنظام وتأكيد على الفساد والطغيان. مضيفا "تم إيقافي عن الكتابة للمرة الرابعة، بواسطة جهاز الأمن ولفترة طويلة، جميع الإيقافات السابقة تراوحت ما بين العام ونصف العام". وقال إن أساليب المنع من الكتابة تتم بإخطاري بواسطة الناشر أو رئيس التحرير حتى إذا رفعت دعوى ضد الأمن يلجأ إلى الانكار. وأكد أن محاولات اغتيال الصحافة السودانية لن تتوقف بعمليات المنع والمصادرة لأن العقلية الأمنية لن تتغير إلا بزوال النظام الذي زاد على موبقاته إرهاب الصحفيين والمدونين والفاعلين على صفحات التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن جهاز الأمن يهدف من منع الصحفي عن مزاولة مهنته إلى إجباره على الركوع وابتزازه بواسطة الفقر. من جهتها قالت رشان اوشي تعمل بصحيفة الحرة، أوقفها جهاز الأمن من قبل عن الكتابة، "إن منع الصحفي عن الكتابة إحدى آليات المؤسسات الأمنية في التضييق على الصحافة ومحاصرتها"، وأضافت "جهاز الأمن يتفادى مواجهة إيقاف صحيفة بأكملها عبر إيقاف كاتب بعينه، لأن الصدى الإعلامي لإيقاف صحيفة كاملة أكبر بكثير من إيقاف صحفي". مضيفة أن المقصود أيضا ترهيب بقيه الكتاب والصحفيين، وأشارت إلى تجاوز جهاز الأمن قانون الصحافة واستخدام قوانين الأمن. وانتقد محمد عبدالقادر رئيس تحرير صحيفة "الأهرام اليوم" القرار، ووصفه بأنه مخالف للقانون، ويتم بتقديرات استثنائية لجهاز الأمن الوطني، مضيفا أنه من المفترض أن يحسم القضاء أي اتهام للصحفي، وليس من سلطة الجهاز إيقافه عن الكتابة بالطريقة التي تتم الآن. بدوره أكد علاء الدين بشير عضو اللجنة التنفيذية لشبكة الصحفيين، أن إيقاف هؤلاء الصحفيين بسبب فضحهم لقضايا الفساد، وتسليط الضوء على جرائم نظام البشير ومليشياته في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة، أو نقد سياسات أو شخصيات نافذة في الدولة. وكان جهاز الأمن السوداني أوقف أكثر من 30 صحفيا عن الكتابة على فترات متفاوتة، بحجة مخالفتهم الخطوط الحمراء في تناول قضايا وأزمات السودان.