دونا عن السعودية، الاعلام القطري يستهدف الإمارات الأكثر انفتاحا والسباقة الى رسم ملامح مرحلة ما بعد الإخوان في المنطقة. قطر تتوجس من التصعيد 'الانتقائي' الأميركي في الخليج لندن - كشفت مصادر خليجية عن أسباب استهداف الإمارات تحديدا دون السعودية والبحرين في الهجوم الاعلامي القطري المضاد، في وقت تتخوف فيه الدوحة أيضا من عواقب عزلتها الخليجية على علاقاتها مع واشنطن. وكانت الدول الثلاث سحبت في مارس/اذار سفراءها من قطر، متهمة الدوحة بالتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وتهديد أمن واستقرار دول مجلس التعاون وخصوصاً بسبب تشجيع ودعم التيارات الاسلامية وجماعة الاخوان المسلمين التي باتت السعودية تعتبرها منظمة إرهابية. وقالت المصادر ان "سببا مركبا" يقف من وراء استهداف الإمارات، ويتعلق في المقام الأول بأن الإمارات كانت المبادرة إلى تحديد ملامح مرحلة ما بعد الأخوان في المنطقة عموما ومنطقة الخليج خصوصا، و"هذا كان فضحا ضمنيا للاستراتيجية القطرية". وفي خضم أحداث "الربيع العربي" نبهت الإمارات أكثر من مرة إلى مخاطر الاسلام السياسي على زعزعة استقرار الدول العربية، وقدمت العشرات من عناصر الاخوان للمحاكمة وأدانت الكثير منهم بمحاولة قلب نظام الحكم. أما العامل الثاني، فهو ان قطر تنظر الى الامارات باعتبارها هدفا "متوسط الحجم"، فاستهداف البحرين لن يحمل نفس التأثير وقد سبق لقطر أن ناوشت البحرين في عدة ملفات سرعان ما تلاشت وغمرها عدم الاهتمام. أما السعودية، فهي أخطر من تدخل قطر في مواجهة مفتوحة معها لاعتبارات كثيرة ليس اقلها أنها الممر الأرضي الحيوي لكل شيء في قطر. ومن جهة أخرى، فإن السعودية تريد أن توحي للإمارات بأنها متضررة ايضا، معنويا وماديا، من أية مواجهة مع قطر. فأية اجراءات يمكن ان تتخذها السعودية على الأرض بخصوص التضييق على نقل البضائع إنما يعني تضرر حجم التجارة القادمة من الموانئ الإماراتية. ولا تزال قطر متوجسة من ردة الفعل الأميركية على الأزمة. فالولايات المتحدة تنسق كل عملياتها في الشرق الأوسط وأفغانستان عبر الوجود العسكري في قطر. وأية قرارات خاصة بتحديد عبور الطائرات المتجهة الى قطر عبر المجال الجوي السعودي، سيعني ارباكا كبيرا للعلاقة القطرية الأميركية. وتتخذ القيادة العسكرية الاميركية الوسطى، مقرا لها في قطر حيث تقع قاعدة العديد، اكبر تجمع للقوات الاميركية في الشرق الاوسط. وتمنح قطر تسهيلات للاميركيين في قاعدة السيلية. وقد يدعو ذلك واشنطن إلى إعادة النظر بخياراتها داخل الدوحة نفسها وأن لا تتمسك بالتركيبة الحاكمة الآن. في حين أن التصعيد "التفاضلي" أو "الانتقائي" مع الإمارات لا يقود إلى مثل هذا النوع من التبعات في العلاقة مع أميركا. وقال مراقبون ان قطر "تستسهل" التهجم على الإمارات لأنها أكثر انفتاحا، أما الهجوم على السعودية فأنه سيستفز التيار السلفي المتغلغل في قطر والذي تدعي الدوحة انها تمثله بنفس نسبة تمثيل السعودية له. كما ان الامتدادات القبلية السعودية في قطر أكثر تشابكا منها عن تلك القائمة بين قطروالإمارات، بعض القبائل القطرية بالأساس متذمرة من استبعادها من دوائر الحكم لأنها "قريبة" أكثر من اللازم من السعودية. ويضيف المراقبون ان المشروع القطري للتغيير في السعودية غير مكتمل الاركان ولا يمكن تخمين عواقبه. وإن أقصى ما كان الأخوان يفعلونه في السعودية هو تقديم انفسهم كسلفيين سروريين، أي باطنيين، وبالتالي فالوجود الأخواني في السعودية كان دائما محاصرا من قبل التيار السلفي قبل أن تنتبه الدولة السعودية الى خطورته وتحرمه.