قصة أربعة مدن ... تونسوالقاهرةوجوباوالخرطوم ؟ يستعرض الكاتب ثروت قاسم ثورة تونس الشعبية الناجحة , وثورة جوبا الدستورية الناجحة , وثورة الغضب في مصر , التي سوف تنجح ! وثورة النيم في السودان التي بدات يوم الاحد 30 يناير 2011, والتي سوف تتوج بسقوط نظام الانقاذ الاستبدادي ! قصة أربعة مدن ... تونسوالقاهرةوجوباوالخرطوم ؟ ثروت قاسم [email protected] مقدمة ! شهد يوم الاحد 30 يناير 2011: + مظاهرات فرح في جوبا بعد ان صوت كل الجنوبيين تقريبأ للانفصال من نظام الانقاذ الاسلاموي العروبي ! لم يتذكر احد في جوبا , ولم يهتم أحد , بمتابعة المظاهرات التي دشنها , في الخرطوم وبعض مدن الشمال , جيل الانترنيت من الشباب السوداني الشمالي ! شمال السودان اصبح دولة اجنبية , لا يهتم بها الجنوبي , ولا يريد ان يسمع منها أو عنها اي أخبار ! شهد هذا اليوم موت قطاع الشمال في الحركة الشعبية موتأ اكلينيكيأ , لا فواق بعده ! بعد اليوم ... لا محل للاعراب في الجنوب لشمالي الحركة الشعبية ! بعد اليوم ... سوف تموت الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد أن حررت الجنوب ! ومن رمادها سوف يطير , كما طائر الفينيق , طائر اخر لتنمية دولة جنوب السودان الجديدة ! أنتهت مرحلة التحرير , وتبدأ , بعد اليوم , مرحلة البناء والتنمية في دولة جنوب السودان الجديدة ! + مظاهرات واحتجاجات سلمية في الخرطوم وبعض مدن الشمال , قادها جيل الانترنيت من الشباب السوداني الشمالي , ضد نظام الانقاذ الاستبدادي ! لم يتذكر احد في الخرطوم , ولم يهتم أحد , بمتابعة اعلان نتيجة الاستفتاء , وأنفصال الجنوب , وتحميل مسئولية ذلك الانفصال , حصريأ , لنظام الانقاذ ! النظام الذي شن حربأ جهادية , دينية , وأبادية علي جنوب السودان ! جنوب السودان اصبح دولة اجنبية , لا يهتم بها الشمالي ! والاقسي والامر ان الشمالي لم يلق بمسئولية انفصال الجنوب علي نظام الانقاذ بشكل مباشر , وواضح , وفاضح ! وما يتبع ذلك من ادانات واحتجاجات , للتفريط الاجرامي في أمن ووحدة التراب الوطني , التي تمثل قدس القداس , لاي شعب , ولاي دولة ! لا يحق لنظام الانقاذ الاستمرار , بعد اليوم , في السلطة , لتفريطه الاجرامي في وحدة السودان , بسياساته الطاردة , وافعاله الاقصائية , وحروبه الجهادية الابادية ضد الجنوبيين ! يتحمل نظام الانقاذ , وحصريأ نظام الانقاذ , وزر ومسئولية تفتيت بلاد السودان ! السودان الذي كان موحدأ , بشماله وجنوبه , منذ نزول ادم من الجنة, وباستمرار , حتي يوم الاحد 30 يناير 2011 ! حارب الجنوبيون مع الامام المهدي , عليه السلام , في طرد المستعمر من السودان , الموحد بشماله وجنوبه ! وقاد أحد ابنائه ( علي عبد اللطيف الدينكاوي ) ثورة 1924 ضد المستعمر الانجليزي- المصري ! وصوت البرلمانيون الجنوبيون , ممثلو شعب الجنوب , في ديسمبر 1955 , من داخل البرلمان , وعن قناعة ورضا , ودون اكراه , لاستقلال السودان في كيان واحد , يجمع الشمال والجنوب ! ثم جاء ابالسة الانقاذ ليفتتوا بلاد السودان شذر مذر ! مر خبر تأكيد انفصال الجنوب علي الشماليين , وكانه خبر أنفصال بلاد الواق واق الي واق شمالي وواق جنوبي ؟ لا مبالاة ... ما انزل الله بها من سلطان ! لا مبالاة ... لم نسمع بها في ابائنا الاولين ! أربعة ثورات ! نشهد في شهر يناير اربعة ثورات في اربعة دول مختلفة , كما يلي : + ثورة الياسمين في تونس ... ثورة شعبية سلمية قادها جيل الانترنيت من الشباب التونسي , توجت بسقوط نظام بن علي الاستبدادي والفاسد , وفوز الديمقراطية ! + ثورة الغضب في مصر ... ثورة شعبية سلمية يقودها جيل الانترنيت من الشباب المصري , سوف تتوج بسقوط نظام مبارك الاستبدادي والفاسد , وفوز الديمقراطية ! + ثورة الاستقلال في جنوب السودان ... ثورة دستورية قادها كل الجنوبيين ضد نظام الانقاذ , توجت بتصويت كل الجنوبين للاستقلال من نظام الانقاذ الاسلاموي العروبي , في دولة منفصلة ! + ثورة النيم في شمال السودان ... ثورة شعبية سلمية يقودها جيل الانترنيت من الشباب السوداني , سوف تتوج بسقوط نظام البشير الاستبدادي والفاسد , وفوز الديمقراطية ! نستعرض في هذه الحلقة من المقالة عاملأ , من عدة عوامل تقف حجر عثرة في طريق ثورة النيم قي شمال السودان , وهو عامل الخوف ! الخوف ! في تونس وكذلك في مصر , وفي السودان , يوجد معسكران : + معسكر الحاكم وزباينته وبلطجيته , وأمنه ومخابراته ! + ومعسكر المحكومين ( الشعب ) ! الخوف يسكن في معسكر المحكومين ! خوف المحكوم من الحاكم ! هذا الخوف ادي الي استدامة الحاكم في الحكم ! التغيير التكتوني الذي أحدثته العجاجة في تونس وفي مصر , هو انتقال الخوف من معسكر المحكوم الي معسكر الحاكم ! خاف الحاكم في تونس من المحكوم , فهرب وسقط نظامه يوم هروبه ! واصبح المحكوم حاكم نفسه بنفسه , وتنسم نسائم الحرية ! نسعي في السودان لتحويل الخوف من معسكر المحكوم المغلوب علي امره , الي معسكر الحاكم الانقاذي المتسلط , بواسطة احتجاجات جماهيرية سلمية ( ومستدامة ) , ينضم فيها الشعب السوداني , بكل فئاته , لجيل الانترنيت من الشباب السوداني ! وتقود الي أنتفاضة النيم , وقلب نظام الحكم الانقاذي ! هذا هو هدف انتفاضة النيم ... تحويل الخوف من معسكر المحكوم الي معسكر الحاكم ! والالية لتفعيل لذلك هو الجهاد المدني السلمي المتواصل ( والمستدام ) , وتقبل المحكوم ( الشعب السوداني وجيل الانترنيت من الشباب السوداني ) لبذل التضحيات اللازمة لذلك , تماما كما ضحي المحكوم في تونس ! وكما يضحي حاليا , المحكوم في مصر ! ليس هناك غداء مجاني ! نقطة علي السطر ! فهل المحكوم السوداني ( الشعب السوداني ) مستعد لذلك , ام كتب علي نفسه ان يعيش خائفأ بين الحفر ؟ تقاعس الشعب السوداني عن الانضمام لجيل الانترنيت من الشباب السوداني في مظاهرة يوم الاحد 30 يناير 2011 ؟ ونجحت قوات الامن المسيسة الانقاذية في تفريق المظاهرة , التي لم يكتب لها , هذه المرة , الاستدامة والاستمرارية , كما في حالتي تونس ومصر ؟ الخوف هو كذلك المحرك الحصري لابالسة الانقاذ وقادته ! يعرف قادة الانقاذ انهم قد ارتكبوا مخالفات جنائية , سوف تحاسبهم عليها اي حكومة تحل محل حكومتهم الحالية ! ولذلك فان الخوف علي شخوصهم , سوف يدفعهم للاستماتة في قمع اي احتجاجات سلمية , ( كاحتجاج جيل الانترنيت من الشباب , يوم الاحد 30 يناير 2011) , قد تقود الي انتفاضة النيم ! دفع الخوف أبالسة الانقاذ لقمع الشعب من خلال اجهزة الامن والمخابرات , بدلأ من التصالح مع الشعب ! لانهم يحسبون أن التصالح مع الشعب فيه هلاكهم ! ولكن جيل الانترنيت من الشباب , الذي حل محل القيادات الديناصورية المتحجرة , من امثال مولانا الميرغني الرموت كونترولي , سوف يحطم هبل والات والعزي ومناة الأخرى , وغيرهم من اصنام الانقاذ الامنية ! الخوف أشد أبتلاء يمكن ان يبتلي الخالق عبده به ... أشد من الجوع , أشد من الموت , أشد من الفقر ! الخوف هو ملك ملوك الابتلاءات ! بدأ به الخالق منظومة ابتلاءاته , كما ورد في الاية 155 من سورة البقرة : ولنبلونكم بشئ من الخوف ... والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات , وبشر الصابرين ! ( 155- البقرة ) الانسان المتحرر من الخوف هو الانسان الحر ! مايكل , اعظم لاعب كرة سلة في امريكا , قال : انا ... أعيش الحلم الامريكي ! انا ... انسان حر ! قد بلغت سدرة المنتهي حيث يمكنني ان اقول ( لا ) , بدون خوف ! أنا قد تحررت من الخوف ! وبهذه المناسبة , لا اعرف رجلا تحرر من الخوف , تحرر الاستاذ سعيد الطيب شايب منه ! ذلك رجل جسد الحرية في اطلاقها ... فكان من اسعد من دب علي هذه الارض , علي الاطلاق ! فطوبي له بين الشهداء والقديسين يناجي ويتناجي , ويتونس ويضحك ويتضاحك , مع استاذه العظيم ! ابن العشرين ! كثير من المثقفين السودانين يعرفون تونس ببيتين من قصيدة شاعر تونس الأشهر أبى القاسم الشابى , وهما : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القدر ولا بد لَِليل أن ينجلي ولا بُدّ للقيد أن ينكسر . عظمة الشابي وروعته , أنه انشد روائعه الشعرية التي سارت بها الركبان , في بيئة فرنسية الثقافة بامتياز , وتنظر بدونية للغة العربية ! الشابي الذى اختطفه الموت قبل أن يكمل عامه الخامس والعشرين ( توفى عام 1943 ) ! اطلق عليه التوانسة ابن العشرين ! كان بدري عليك تودعني وانا مشتاق ليك ! يحاكي في ذلك ابن العشرين ( صديقك الاثير طرفة ابن العبد ) , الذي قتل قبل ان يكمل عامه العشرين ! فاصبح يعرف بابن العشرين ! وكان طرفة شاعرا فحلا , جرئيأ علي الشعر ! وعلقت العرب قصيدته الدالية علي الكعبة , سنين عددأ ! بعد قصيدة امرء القيس مباشرة ! القصيدة الام التي يختمها بالابيات المعروفة : ستبدي لك الايام ما كنت جاهلأ وياتيك بالاخبار من لم تزود وياتيك بالاخبار من لم تبع له بتاتا ولم تضرب له وقت موعد تصور من يقول هذه الكلمات السمحات , يموت وهو دون العشرين ؟ عجاجة تونس ! سقط سور برلين في عام 1989 ! وتبعه سقوط جميع دول اروبا الشرقية , وتفتيت الاتحاد السوفيتي العظيم ! حسب نظرية الدومينو , التى يفسر بها علماء السياسة , سقوط الأنظمة السياسية المتشابهة ! هل تهب عجاجة تونس , وعجاجة مصر , علي بقية الانظمة العربية , ومن بينها السودان , وكلها مشابهة لتونس , ولمصر , في الاستبداد والقمع , والفساد والافساد ؟ موعدنا الصبح لنري ! أليس الصبح بقريب ؟ سيزيف السوداني ؟ عجاجة تونس , وعجاجة القاهرة , اوضحتا ان الغرب ينظر الي البلاد العربية ( بما في ذلك السودان ) من خلال منظار به فتحتان : الفتحة الاولي يري الغرب فيها النظم الاستبدادية المستاسدة علي شعوبها , والنعامة علي قوي الاستكبار ! الفتحة الثانية يمكن للغرب ان يري فيها الحركات الاسلاموية المتطرفة التي تقاوم ضد اسرائيل ! ويصر الغرب , في غباء ما بعده غباء , في حصر النظر من الفتحة الاولي , وغلق الفتحة الثانية ! يسعي السيد الامام الي فتح فتحة ثالثة في المنظار الغربي , يري الغرب فيها بلاد السودان بنظام مدني , ديمقراطي , مبني علي المواطنة واحترام ارادة الشعب السوداني ! للاسف , نجحت قوي الاستكبار الغربي في ربط قيد حديدي ( أمر القبض ) حول عنق المرفعين الانقاذي الاسلاموي , وتدجينه ! نعم ... نجحت قوي الاستكبار في تدجين المرفعين الانقاذي , وترويضه ! وقبلت به حاكمأ استبداديأ لشمال السودان , وحليفأ تكتيكيأ ... لسهولة ابتزازه , لتمرير اجندتها , خصوصأ في تفتيت بلاد السودان ! وضح ذلك الرئيس اوباما , بوضوح فيه كثير من الفضوح , في خطاب حالة الاتحاد ( واشنطون – الاربعاء 26 يناير 2011 ) ! السيد الامام يحاكي سيزيف الاغريقي , في مجاهداته لأقامة دولة المواطنة , دولة القانون , دولة الحريات ... دولة مدنية ديمقراطية , في ما تبقي من بلاد الحدادي مدادي ! فهل سنرهقه صعودأ ؟ حكاية ! السبب وراء عجاجة تونس , لم تكن , حصريأ , الضائقة المعيشية ! وانما الكبت والقمع والاستبداد وانعدام الحرية وسحق الحقوق الانسانية ! الشعب السوداني , مثل نظيره التونسي , لا يطلب الخبز , حصريأ ! وانما الخبز المعطون بالكرامة والحرية والاصلاحات السياسية ! ولا نعتقد ان نظام الانقاذ مستعد لتلبية هذه المطالب , وتفكيك نظامه ! ويتضح ذلك , جليأ , من تصريحات قادته الاستفزازية السلخانية ! ومكابرته واصراره على التعاطي مع اي تجمعات سلمية احتجاجية بالقمع , وتكسير ايادي السيدات ! يلخص موقف تونس نكتة يتناقلها التوانسة هذه الايام ! يحكي ان كلبأ تونسيأ مبغبغأ ويمتلئ صحة وحيوية , عبر الحدود , هاربأ من تونس الي الجزائر ! قابله كلب جزائري مضبلن ويكاد يموت من الجوع , وهو يلهث ! أستغرب الكلب الجزائري ايما أستغراب من تصرف زميله التونسي , وساله السبب ؟ رد الكلب التونسي : عاوز انبح , ياهذا ! واستمر في النباح في الجزائر , حتي قامت العجاجة في تونس ! ورجع بعدها الي تونس ليتمكن من النباح ؟ تونسوالخرطوم ! عجاجة تونس ليست بجديدة علي الخرطوم ! فقد عرفت الخرطوم عجاجة 26 يناير 1885 , قبل 126 عامأ , وعجاجة اكتوبر قبل 47 عامأ , وتبعتها بعجاجة ثالثة في رجب قبل 26 عاما ! وهي تحضر هذه الايام لعجاجة رابعة ! أذن الكلام عن نقل تجربة تونس للخرطوم , يحاكي من يسعي لبيع الماء في حارة السقائين ! ولكن هذه الحقيقة لا تمنع من أستعراض بعض اوجه الخلاف , وكذلك القواسم الدنيا المشتركة , بين تجربة تونس , واي تجربة مماثلة ورابعة في الخرطوم ! سوف نستعرض هذه القواسم المتعارضة والمشتركة تحت عشرة رايات , في الحلقة القادمة !