كما يقول المثل العربي ( البدوي ) \" شرد بليله ما بيها ضو \" , كذلك هرب زين الهاربين بن علي في ليل دامس من غير قمر منير , من غير زهاب , سوى الذهب ( 1.5 طن ) , وارصدة في الخارج , ليترك خلفه شعبا غاضبا , يعاني من ويلات الفقر والجوع , هرب ذليلا جبانا , كعادة الطواغيت . خلف زين الهاربين بن علي تركه ثقيلة على عاتق الشعب التونسي , و ترك عبئا تنوء الجبال الراسيات بحمله , لكن الشعب التونسي أهلا للمسؤولية , قادرا على تحمل المشقات , كعادة الشعوب . الغريب في الامر , ان قوى الاستكبار العالمي , التي ساندته وعاضدته ومكنته من السيطرة على هذا البلد طوال تلك السنين , تخلت عنه تماما , وخلعته كما يخلع احدنا ال ..... , رغم خدمته لهم , بكل تفاني واخلاص , نتسائل بأستغراب , هل وجدت قوى الاستكبار العالمي فيه ضعفا ؟ , فلم يعد بأمكانه تلبيه رغبات تلك القوى , ام وجدوا له بديلا اشد منه اخلاصا و وفاءا ؟ , ام ان هناك صحوة مقرونة بشجاعة من قبل الشعب التونسي ؟ , لكن الشعب التونسي لم يكن غافلا حتى يصحو , الشعب التونسي شعب مثقف وطموح , ولا تنقصه الشجاعة ايضا . في ظاهرة لم تعرفها البلدان العربية ولا مجتمعاتها , ظاهرة حرق النفس , جزعا من الحكم , بهذا السلاح الجديد تواجه الشعوب العربية حكامها , فقد طفح الكيل , وبلغ الزبد الرغى , ان الاون للرحيل , للتغيير , فكان لتونس السبق في الشروع بتجربة هذا السلاح , وكان اول من ابتدعه وحرق فيه ( محمد بو عزيزي ) , الشاب الذي كان محروقا في طغيان الحاكم , فما كان من الشعوب العربية الا ان تبادر بالمثل , بعد ان اثبتت لهم انتفاضة تونس ضعف وجبن الطاغي المستبد , فأحرق البعض انفسهم في الجزائر والمغرب ومصر وموريتانيا , كي ينهال الشعب بالحجارة ضد القوى الاستبدادية والقمعية التي يقف الحاكم خلفها , فكانت انتفاضة اليمن ومصر و مظاهرات الاردن والجزائر والمغرب وموريتانيا . اما جنوب السودان فأختار الانفصال عن حكم البشير وزبانيته , لينعم بحكم يمثلهم ويكونون راضين عنه , ويحقق لهم السعادة المنشودة والعيش الكريم , بالرغم من خطورة الانفصال , فلا نلوم شعب جنوب السودان , بل يقع كل اللوم على حكم وطغيان بشير الهاربين المعتوه . اما عقيد الهاربين علي عبدالله صالح , ومن خلال خطاباته الاخيرة , تبين انه يخفي جبنا وضعفا خلف عصبيته , الخوف من تلك الجموع الغاضبة التي تطالب بعزله , حيث ينتابه الخوف بل الرعب من زوال حكمه وعرشه , ليهرب الى أي منفى , فيقعد هناك مذموما مدحورا . بدا ملحوظا في الاونة الاخيرة , ان قوى الاستكبار العالمي غيّرت سياساتها ازاء البلدان التي يحكمها عملائهم , والظاهر انها قد رفعت أي دعم او اسناد للحكام الحاليين , ربما ان هؤلاء الحكام قد اصابهم الكبر او الكهولة و الخرف , او ربما ان هناك مخططات جديدة تكمن في هذا التغيير .. حيدر الحدراوي