لم تفلح الحملة الاعلانية مدفوعة القيمة، في الحيلولة دون ارتياد المدير العام للشركة الاقطان عابدين محمد علي غياهب السجن، اذ ان الملايين التي اُنفقت لتبييض وجه (عابدين) لم تكن كفيلة بمنحه البراءة. ويكفي ان نُذكّر الناس – كل الناس، بان (عابدين) يقبع الآن داخل أسوار السجن في انتظار براءة قد لا تاتي ابدا. ولا يكفي ان نُذكِّر فقط، بان ثمة حملة اخرى، مدفوعة القيمة ايضا، تفترش بعض صحف الخرطوم لتبييض وجه د. عبد الرحمن الخضر.. لا يكفي ان نُذكِّر ونمضي، لان الاعلان لم يقل إن الخضر كريم وشهم وانسان، بمثلما قيل في حق مدير شركة الاقطان، بل لان الاعلان جاء ليقول ان الخضر يُصلي الفجر في جماعة..!! حملة الغياثيين افرزت حادثة الفساد بمكتب والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر، عديد الممارسات التي لم تكن مألوفة، من لدن عملية "تتحلون" التي استندت اليها لجنة التحقيق مع المتهمين، مرورا بمحاكمة الموقوفين في القضية استنادا الى قانون الثراء الحرام والمشبوه، الذي ظل خارج نطاق الخدمة، مركونا في رفٍ قصي، وانتهاء بالحملة الاعلانية مدفوعة القيمة التي تنتظم بعض صحف الخرطوم حاليا، لتذكير الناس بان والي الخرطوم يصلي معهم الفجر حاضرا، وانه كثيرا ما خرج طائفا الى المرافق العامة، منطلقا من صحن المسجد. الحملة الاعلانية التي رفض اصحابها ودافعوا قيمتها المالية، الافصاح عن هويتهم، واكتفوا بالقول انهم "رفقاء عبد الرحمن الخضر في صلاة الفجر"، انتزعت استغراب قطاعات واسعة من المتابعين، ليس لكونها اخفت هوية اصحابها، بل لانها ظهرت كمن يحاول تبييض وجه والي الخرطوم. وتصف الحملة الاعلانية مدفوعة القيمة ما جرى في مكتب الخضر، بانه (ضجة اعلامية تنوعت اغراضها ودوافعها، وكثر فيها التحامل وقلت فيها المهنية). لكن نائب الأمين العام لهيئة شؤون الانصار الشيخ آدم أحمد يوسف يرى الحملة الاعلانية جزءً من الفساد، وقال ل (الصيحة) إن اللجوء الى الحملات الترويجية لتغيير صورة المسؤولين لدى الرأي العام هي في الاصل تعبير حقيقي عن حالة الفساد"، وتساءل "يوسف" عن جدوى الحملات التي تهدف الى تحسين صورة رجال الدولة، ولفت الى ان ذلك يضر اكثر من كونه ينفع". سلوك شخصي حسناً، فالحملة واصحابها الذين لم يذيّلوا اعلانهم مدفوع القيمة باسمائهم، لا تخفي انها تسعى الى انصاف والي الخرطوم، الذي قالت عنه (إنها لم تعرفه في دوائر الدولة ولا دوائر الحزب، وانما عرفته وهو يسعى في الظُلَم "بضم الظاء وفتح اللام" قبيل انبلاج الفجر الى المساجد وحيدا دون حراسة او حاشية واحيانا بلا سائق). ومضت حملة "رفقاء صلاة الفجر" مدفوعة القيمة الى ان (الوالي حينما ياتي الى صلاة الفجر لا يغادر مهرولا كما يفعل البعض، بل يقف يحادث الناس، يلاطف الشباب ويداعب الاطفال، وانه احيانا يصطحب – والقول لحملة رفقاء الفجر – من كان معه بعفوية في زيارة مفاجئة الى احد المرافق يتفقد احوال الناس). ويعود نائب الأمين العام لهيئة شؤون الانصار الشيخ آدم أحمد يوسف مؤكدا ان صلاة الخضر او اي مسؤول بالمسجد سلوك شخصي ينفعه في الآخرة، وان ذلك ينبغي ان يكون السلوك القويم والصحيح لكل من يطلب الفلاح في الدنيا والنجاة في الآخرة". وقريبا من قول "آدم" فان رئيس احد الواجهات الدينية المستقلة قال ل (الصيحة) ان المداومة على صلاة الفجر في المسجد حسنة وامر جيد، لكن ذلك لا يكفي ان نصبغ على فاعلها صفة العصمة من الاخطاء، مذكرا ان الصحابة الذين كانوا يصلون الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقعون في الاخطاء". قلق الرفاق واحدة من الاسباب المنطقية التي دفعت من اسموا انفسهم ب(رفقاء صلاة الفجر) لتسويد الصفحات بالملايين من اجل تبييض وجه والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر؛ تتمثل في ان اهل الحملة الاعلانية انتابهم "القلق جراء تداعيات الاخبار وتوالي الاتهمات وتوسيع دوائر الظن التي طالت صاحبهم الذي حسبوه فوق تلك الشبهات". بل ان اهل الحملة الترويجية قطعوا بانهم يعرفون عن الخضر اكثر مما يعرفه اهل الاعلام المتربص الذي لا يتقصد غير الاثارة، وانه لديهم – اي الوالي – معروف بدماثة الخلق ولين الجانب ووضاء السيرة ونقاء السريرة". وهذه الجزئية تحديدا انتزعت استغراب نائب الأمين العام لهيئة شؤون الانصار الشيخ آدم أحمد يوسف، منوها الى انه افضل لوالي الخرطوم ان تخبر عنه مشاريعه، وان تحدّث الناس عنه افعاله، انطلاقا من انه المسؤول الاول عن انسان الولاية، ومضى "يوسف" مذكرا بقول الفاروق عمر بن الخطاب حينما قال: (وُلينا على أمة محمد لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم)، وانتهى الى ان دفع الاموال في الاعلانات يفتح الباب ام تساؤلات اخرى، حول مصدر تمويل الحملة الترويجية، وعن مصدرها". الشاهد ان التساؤل الذي دفع به نائب الأمين العام لهيئة شؤون الانصار يطرق الآذان بلا استئذان، خصوصا اذا علمنا ان ثمة اعلان آخر مدفوع القيمة تم نشره من قبل شركة (فايف ام) ينافح عن والي الخرطوم بضرواة وينفي صلته بقضية فساد موظفي مكتبه. وهو ما دفعنا لطرق ابواب مسؤول الاعلام بمكتب والي الخرطوم الطيب سعد الدين والذى نفى ان تكون لهم صلة بحملة "رفقاء صلاة الفجر" الاعلانية، منوها في حديثه مع الصيحة الى ان الحملة مرفوضة بالنسبة لهم تماما، وانها لا تمثل مكتب والي الخرطوم، لافتا الى ان الحملة مدفوعة القيمة هي شعور لبعض الناس، وانه لا يوجد تنسيق بين من نشروها وبين مكتب والي الخرطوم، ومضى يقول: "سبق ان طلبنا من شركة "فايف ام" ايقاف نشر اعلانها ومن هنا اناشد اصحاب الحملة الأخيرة بايقاف نشرها". وياتي نائب الأمين العام لهيئة شؤون الانصار آدم احمد يوسف محذرا من المنافحة عن المسؤولين بغير حق، وداعيا في الوقت ذاته لافساح المجال امام اعمال المسؤولين للحديث عنهم. وقريبا من قول "يوسف" فان سجلات التدوين تحفظ قصة "غياث بن إبراهيم" حينما دخل على المهدي وهو يشتري حماما ليلعب به، فقال له غياث: "إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح". ولما كان المهدي يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر في الحديث كلمة جناح وأن غياث أوردها لارضائه قال الخليفة المهدي عانيا غياث: "أشهد أن قفاك قفا كذّاب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واضاف: أنا حملته على ذلك، ثم أمر بذبح الحمام. وليس بعيدا عن قصة "غياث" فان سعيد بن المسيب يقول: "إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه فإنه لص". صحيفة (الصيحة)