قرار بإطلاق سراحه دفعاُ لأشرعة الحوار.. إبراهيم الشيخ: من نادي النضال إلى ساحات النضال 5 ساعات 49 دقيقة مضت حجم الخط: Decrease font Enlarge font قرار بإطلاق سراحه دفعاُ لأشرعة الحوار.. إبراهيم الشيخ: من نادي النضال إلى ساحات النضال الخرطوم - عبدالرحمن العاجب في أنباء أمس الأول، نقل الرشيد هارون وزير الدولة برئاسة الجمهورية تأكيد البشير حرصه على تهيئة المناخ للحوار الوطني، مسترسلاً خلال تصريحاته أن الرئيس قرر إطلاق سراح إبراهيم الشيخ، رئيس حزب المؤتمر السوداني فورا، ما يمثل دفعة لأشرعة الحوار الوطني الذي تم تدشينه في يناير المنصرم. القرار جاء بمثابة رسالة من قبل الرئاسة تروم خلالها تجديد عزمها وحرصها على تهيئة المناخ في مقبل أيام الطاولة، كما أنه يجيء إكراما لرئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، الذي ما فتئ يمهد التربة من مقام الشريك في الهم الإصلاحي، ناثراً بذور التقارب بين الفرقاء لأمد متطاول، دون أن يلوح في أفق الأزمة المخرج بعد. وكان أمبيكي - بحسب تصريحاته الصحفية عقب لقاء رئيس الجمهورية ببيت الضيافة أمس الأول (الأربعاء)- قد دعا البشير إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، تطويرا للحوار، وأضاف أن الرئيس أكد له أن الشيخ سيتم الإفراج عنه. 1 * سنوات الدراسة والتشكل السياسي بتاريخ الثامن والعشرين من شهر يونيو عام 1956م، احتفت أسرة الشيخ عبدالرحمن البريابي، في مدينة (النهود) العريقة، بميلاد ابنها إبراهيم. عاش حفيد (البرياب) اليافع فترة طفولته الأولى كغيره من أبناء المنطقة التي كانت تجمع بين البداوة والحضر وتشبع بكثير من القيم الكردفانية الأصيلة، واكتسب منها قيم العفاف والتسامح والتعايش، قبل أن يتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة النهود الغربية (ب)، متدرجاً في مراقيه التعليمية إلى مدرسة النهود الأميرية الوسطى، ثم النهود الثانوية العليا، ليجلس منها ل(امتحانات الشهادة)، قبل أن يتم قبوله بجامعة (جوبا). في جوبا درس الشيخ حوالي ثلاثة أشهر، وفي عام 1977م قطع دراسته الجامعية بمحض إرادته لظروف ذاتية، كما يسميها، ليلتحق بخدمة الهيئة القومية للكهرباء وعمل بها لأكثر من خمس سنين. لاحقاً عاد إبراهيم إلى مدرجات الجامعة مرة أخرى ملتحقاً بدفعة كلية الاقتصاد، جامعة الخرطوم، في يناير من العام 1982م. يومها كانت الخرطوم خارجة لتوها من هبة يناير، وكانت الجامعة يكتنفها حراك سياسي فاعل ضد نظام مايو المتشبث إبانها بكل سطوته وبطشه. يومها كان تنظيم (مؤتمر الطلاب المستقلين) يدخل عامه الخامس بعد تأسيسه في عام 1977م، وكان المؤتمر خارجاً لتوه من تجربة اتحاد التمثيل النسبي، في دورة الاتحاد للعام 1979م، وكان التنظيم الأعلى تمثيلا في الاتحاد ممثلاً بتسعة أعضاء، فيما كان الطالب صلاح قوش، أحد أعضاء الاتحاد ممثلاً للاتجاه الاسلامي من كلية الهندسة. مؤتمر المستقلين دفع بالشيخ لرئاسة رابطة طلاب كلية الاقتصاد، وبعدها تولى رئاسة المجلس الأربعيني لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم دورة الانتفاضة 1985م – 1986م، وكان عضوا في اللجنة السياسية، ممثلاً للمؤتمر في فترة الانتفاضة، التي انتهت بسقوط نظام مايو، ليتخرج إبراهيم الشيخ بعدها في الجامعة العام 1986م. ود الشيخ ظل يعمل موظفا بالهيئة القومية للكهرباء منذ يوليو 1977م وتدرج وترقى في مدارجها إلى أن وصل الدرجة الخامسة، إلى أن تم الاستغناء عنه، بموجب إجراءات الصالح العام مطلع التسعينيات، كما يمضي في سيرة ذاتية سردها بين يدي (اليوم التالي) في وقت سابق. 2 * من نادي "النضال" إلى ساحات النضال ود الشيخ بخلاف السياسة لديه مواهب أخرى، وفي السابق كانت له علاقة جيدة مع الرياضة ولعب كرة القدم بملعب نادي (النضال) الثقافي الرياضي وكان لاعبا فاعلا في فريق (الباسكت بول) بمدرسة النهود الأميرية الوسطى ولديه اهتمامات بالمسرح وشارك في عدد من المسرحيات بالمدرسة.. وظل إبراهيم الشيخ حتى الآن يقرأ حوالي ست ساعات يومياً، متابعاً للصحف والمجلات والكتب والدوريات، يرتاد المسارح ومحباً للغناء والموسيقى والشعر الجميل، ومشجعاً لفريق المريخ قبل أن يقطع صلته بالرياضة. 3 * بين السياسة وعوالم البزنس صفة أنه شخص مثير للجدل أصبحت تلازمه لفترة طويلة والى جانب ذلك تدور حوله شبهات واستفهامات كثيرة لجهة أنه يجمع بين الثروة والمعارضة.. يدرأ ود الشيخ الشبهات عن نفسه بالقول عزفاً على وتر العصامية، إنه بدأ العمل في البيع بالأقساط في السوق العربي بعمارة (النخيل)، وكان يعمل في بيع المعدات الإلكترونية، من تلفزيونات وثلاجات وبوتاجازات ومسجلات وغيرها.. بعدها عمل في مجال عطاءات الهيئة القومية للكهرباء وتوقف عنها بسبب خلافات نشبت بينه وبين المدير العام للهيئة في ذلك الوقت. بعدها اتجه للعمل في السجانة في مجال مواد البناء (الحديد والأسمنت)، وهنا كان التوفيق الأكبر بحسب ما يقول ودالشيخ ل(اليوم التالي) من قبل، وبعدها قام بتنفيذ أسواق أمدرمان الكبرى، قبل أن يعمل في دولة جنوب السودان، في مجال التجارة والبناء والإنشاءات في شمال بحر الغزال وجوبا، وفي أعالي النيل وشرق الاستوائية. بالإجمال ينفي ود الشيخ بشدة صفة كونه (رأسماليا طفيليا)، باعتبار أن خبرته في السوق تصل لحوالي "24" عاماً، وهو تلميح إلى كونها فترة كافية ربما لفك شفرات التجارة والبزنس.. بل على النقيض من ذلك يرى الشيخ أنه تعرض لمضايقات لازال يدفع ثمنها بسبب نشاطه السياسي لا تخل بالطبع حسب قوله من فرض مزيد من الضرائب. 4 * خلف القضبان في شهر يونيو الماضي، وبمدينة النهود نفسها التي شهدت ميلاده، اعتقلت السلطات إبراهيم الشيخ، حيث تم تقديم ست تهم ضده من القانون الجنائي، ليقبع خلف جدران سجنها العريق.. المرة تلو الأخرى كان إبراهيم يكرر رفضه للاعتذار عن الحديث الذي قاده للسجن، فيما تمسك حزبه بخياري شطب البلاغ أو تقديمه إلى المحاكمة. خلال الشهر الماضي، وإبان اعتقاله كان قد تم نقله إلى مستشفى الشرطة بالخرطوم لتلقي العلاج وإجراء عملية جراحية، إلا أنه طالب باختيار طاقم طبي خاص يحدده بنفسه، خوفا على سلامة صحته ونجاح العملية. وظل إبراهيم يقيم في الغرفة رقم (410) بمستشفى ساهرون، تحت حماية مشددة إلى أن تم ترحيله مجدداً إلى (النهود). 5 * حركة الطلاب المستقلين.. سيرة ومسيرة بعد المصالحة التي عقدتها الجبهة الوطنية مع نظام (مايو)، استشعر الطلاب (المحايدين والمستقلين) الخطر واجتمعوا وقرروا التصدي للنظام والدفاع عن حقوق الطلاب. في تلك الظروف أُسست حركة الطلاب المستقلين، مدافعة ومنافحة عن حقوق الطلاب والحريات والديمقراطية. صرخة الميلاد للحركة كانت في جامعة الخرطوم، وتحديداً في النصف الثاني من سبعينيات القرن المنصرم، بعدها تطورت الحركة ليتغير مسماها من حركة الي مؤتمر الطلاب المستقلين. بحلول عام 1979م برز إلى الوجود في ثلاث جامعات أساسية في السودان هي الخرطوموأم درمان الإسلامية وجامعة الجزيرة، وتمكن من الوصول إلى الاتحادات الطلابية في تلك الجامعات. وقد ظل المؤتمر منذ نشأته مصادما لكل الأنظمة الشمولية، وظل المؤتمر مساهما فاعلا في نضالات الحركة الطلابية، مقدماً قراءة مختلفة للتاريخ والواقع، يستند في ذلك على حقائق التعدد الإثني والتنوع الثقافي، مخاطبا بذلك جذور الأزمة، متكئاً على عدة مرتكزات وأوراق فكرية متعددة من بينها (منهج التحليل الثقافي) و(جدلية الهامش والمركز) و(برنامج الثورة السودانية). ما بين جيل التأسيس والجيل الحالي مرت مياه كثيرة جرت تحت الجسر، ففي سياق التطور تلاقت بعد الانتفاضة مجموعات من خريجي مؤتمر الطلاب المستقلين والتنظيم الطلابي وعدد من الأساتذة بجامعة الخرطوم وعدد من المهندسين والأطباء الذين لعبوا دورا مقدرا في الانتفاضة وغيرهم من الذين كانوا منخرطين في تنظيم يدعى (الوطنيين الأحرار) التقوا مع مؤتمر الطلاب المستقلين وخريجيه وعقدوا اجتماعا مشهودا في قصر الشباب والأطفال في يناير 1986م وقرروا تشكيل حزب سياسي أطلقوا عليه اسم (المؤتمر الوطني) برئاسة الراحل عبدالمجيد إمام القاضي والنائب العام السابق، وظل يباشر نشاطه بعد الانتفاضة وحتى ثلاثين يونيو 1989م وبعد مجيئ الإنقاذ استأثر بالاسم، ووصل الصراع حوله بين الطرفين حتى المحكمة الدستورية، وتم البت في الشكوى بعد وفاة مولانا عبدالمجيد إمام رئيس الحزب، إذ شطبت الدعوى لوفاة الشاكي.