عندما بدأ السودان في نهاية عقد التسعينيات في إنتاج وتصدير النفط، اتجهت الدولة بكلياتها الى الاعتماد على واردات الذهب الاسود وأهملت بقية قطاعات الانتاج خاصة الزراعة، لاسيما وان هناك إجماعا من قبل خبراء الاقتصاد ان المستقبل في أراضيه الخصبة.. الا ان الصراعات المشتعلة في أكثر من منطقة والانفاق الحكومي البزخي، بددا ما يجود به النفط من عائدات مالية جيدة تدعم الخزينة بمليارات الدولارات، على حساب تأهيل المشاريع الزراعية الكبرى في البلاد خاصة السمسم والقمح والذرة والقطن. وبات الوطن الزاخر بالأراضي الخصبة يستورد قوته من الخارج. وحلت الكارثة بتدهور الاقتصاد.. حينما ذهب الجنوب بنفطه في عام 2011، ليترك اقتصاد السودان الشمالي عارياً تتقاذفه عواصف الانهيار من كل جانب. فانعكس ذلك على حياة الناس ومعيشتهم التي باتت جحيما لا يطاق. ليأتي الموسم الزراعي للعام الحالي حاملا في طياته بصيصا من الامل. غير ان مخاوف كثيرة بدأت تدب في أوساط المنتجين مع بداية موسم الحصاد بسبب ظهور الآفات الزراعية في بعض مناطق الزراعة المطرية، وارتفاع تكاليف الانتاج، وقلة العمالة المؤهلة ذات الخبرة، الى جانب الهاجس الأكبر المتمثل في كيفية تسويق المحصول، الذي يمثل ازعاجا كبيرا وبالتحديد لمنتجي محصول السمسم. وحول الآفات الزراعية المنتشرة في بعض مناطق الانتاج يؤكد وزير الزراعة والري السوداني ابراهيم محمود حامد التزام وزارة المالية والبنك الزراعي بتوفير ستة ملايين يورو لزيادة المبيدات من أجل مكافحة آفات الموسم الزراعي الشتوي والصيفي.. واشار الى أن الآفات الزراعية دائماً ما يتكاثر وجودها بسبب الرطوبة خاصة انتشار الجراد. وقد وفرت الوزارة ثلاث طائرات لمكافحته، وقررت تشكيل غرفة عمليات لمتابعة سير كل ما يتعلق بالموسم الزراعي ومعالجة كافة المشاكل التي تواجهه. إنتاجية عالية بدوره أبدى أمين المال باتحاد مزراعي ولاية القضارف أكبر المناطق انتاجا للحبوب حمزة عبدالقادر ل«عواصم» تخوفه من تسويق محصول السمسم لاسيما وان انتاجية الموسم الحالي عالية جدا، ورغم وجود الأيدي العاملة ، الا ان هناك ارتفاعا كبيرا في تكاليف الانتاج، بسبب زيادة أسعار المدخلات الزراعية وحالة الغلاء العامة التي تشهدها البلاد. وكشف عبد القادر عن تجاوز نسب محصول السمسم عند حصاده أكثر من 80 %، وقد بلغت المساحات المزروعة بمحصول السمسم لهذا العام مليوني فدان. إلا أن الكثير من المخاوف تسيطر على المنتجين من عدم إيجاد التسويق الجيد للمحصول.. وطالب المسؤولون والمنتجون بالقطاع الزراعي خاصة السمسم، بضرورة تدخل السلطات العليا في الدولة وتحديدا وزارة المالية وبنك السودان المركزي، لفتح اعتمادات للبنوك التجارية حتى لا يكون السوق عرضة لمضاربات التجار التي غالبا ما يتضرر منها المنتجون. ومع بداية الموسم أبدت ولاية سنار تخوفها من نقص العمالة وارتفاع تكاليف الانتاج، وأكدت الولاية انها تسعى لتوفير 400 آلية لمعالجة نقص العمالة.. وأنها بدأت حصاد 902 ألف فدان من السمسم، وقال والي الولاية محمد عباس إنهم قاموا بتجهيز تسعة أسواق لشراء المحصول موزعة بالمحليات المختلفة، ومن جانبه أشار مدير إدارة المشروعات في سنار الحاج سعد إلى أن الولاية تشكو نقصا كبيرا في العمالة بمشاريع الزراعة الآلية المطرية التي تساهم في العمليات النهايئة لحصاد محصول السمسم. البيان