على نحو مفاجئ تم إلغاء مؤتمر (قضايا الدولة المعاصرة- في ضوء السياسية الشرعية)، الذي كان يفترض أن تحتضنه الخرطوم في الفترة من (11-13) من الشهر الجاري، والذي ينظمه مجمع الفقه الإسلامي بمشاركة عدد من العلماء، وفي مقدمتهم رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف من الشرطة الدولية- الأنتربول- بناءً على طلب السلطات المصرية، وكان أمام الاتحاد إلغاء المؤتمر أو تأجيله، وأوضحت بعض المصادر أن التأجيل جاء بطلب من رئاسة الجمهورية، التي ترعي المؤتمر؛ بسبب ازدحام برنامج رئيس الجمهورية، وأن يتم في وقت آخر. توقيت التأجيل الذي آتى متزامناً مع إصدار الأنتربول مذكرة توقيف بحق أبرز المشاركين، طرح العديد من التساؤلات، بالإضافة إلى تخوف مصادر من أن تؤثر الزيارة على العلاقات- المتوترة أصلاً- مع جمهورية مصر العربية، التي تشهد استقراراً نسبياً بعد زيارة الرئيس البشير إليها، ويمتد التأثير إلى المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. وكانت الشرطة الدولية "الأنتربول،" قد وضعت القرضاوي على قائمة المطلوبين لديها، وجاء في تقرير الأنتربول أن القرضاوي- الذي يحمل الجنسية المصرية والقطرية- مطلوب من قبل السلطات المصرية لقضاء عقوبة بتهم "التحريض والمساعدة على ارتكاب القتل العمد، ومساعدة السجناء على الهرب، والحرق والتخريب، والسرقة. وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد نظَّم حملة تضامن مع رئيسه الشيخ يوسف القرضاوي، بعد إصدار الأنتربول مذكرة للقبض عليه، فيما خرج القرضاوي عن صمته، ورد على المذكرة. وأبلغ قناة "رابعة"، التابعة إلى جماعة الأخوان المسلمون التي يعدّ القرضاوي مرشدها، متسائلاً عن معايير القرار، وسخر من اتهامه بالضلوع في أعمال عنف مع تقدمه في السن ووجوده في قطر. وقال القرضاوي، في اتصال هاتفي مع القناة: "أوجه رسالتي إلى الشعب المصري، والعربي، والأمة الإسلامية- أمة القرآن وأمة محمد- أن يتحدوا وأن يقفوا صفاً واحداً.. التقوى لا تكتمل والعبادة لا تتم إلا بالوحدة، فالأمة لا يمكن إلا أن تكون أمة واحدة". وتابع بالقول: "هؤلاء الذين يتحدثون عن الأنتربول وسواه، أقول لهم إنني لا أعرف بأي مقياس يقيس الأنتربول!، هل كل من يقول إن فلاناً عمل شيئاً ما يُصدق؟، كيف أكون قد فتحت السجون وأنا أعيش في قطر؟، ومعي جواز سفر قطري لا أتحرك إلا به؟، فهل خرجت من قطر في هذه الفترة؟، هل ذهبت إلى مصر في هذه الفترة أم أنني طرت في السماء؟". وتابع القرضاوي بالقول: "أنا في سني وعمري 88 عاماً، وعندي أمراض، ولا يمكنني السفر إلا بمرافق، أو مرافقين؛ بسبب ظروفي الصحية" ونفى القرضاوي حتى العلم بموقع سجن النطرون، الذي فرّ منه السجناء خلال ثورة "25 يناير"، قائلاً: "أنا حتى لا أعرف هذا السجن المسمى النطرون، وأعجب ممّن يصدقون هذا الكلام، ويقبلونه، وعليهم مراجعة أنفسهم". وتوجه القرضاوي إلى من عمل على إصدار القرار بالقول: "أشكوهم إلى الله، فهو الذي يعلم الظالم من المظلوم، وسيقيم القسط بين عباده، ولا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه سر، ولا علانية، ولا نشتكي إلى العباد بل إلى رب العباد، ونسأل الله أن يعيد هذه الأمة إلى رشدها. وقال المحامي خالد الصادق شامي ل (التيار): إن السودان ضمن المنظومة الدولية لذلك فهو ملزم بتطبيق القانون الدولي؛ لذلك- إن كانت مذكرة الأنتربول صحيحة مثل ما تناقلته وسائل الأنباء بأن الشرطة الدولية "الأنتربول،" قد وضعت القرضاوي على قائمة المطلوبين لديها، وجاء في تقرير الأنتربول أن القرضاوي الذي يحمل الجنسية المصرية والقطرية، مطلوب من قبل السلطات المصرية لقضاء عقوبة بتهم "التحريض والمساعدة على ارتكاب القتل العمد، ومساعدة السجناء على الهرب والحرق والتخريب، والسرقة- فإن على السلطات السودانية أن تسلمه في حاله قدومه إلى السودان إلى دولة مصر على حسب الاتفاقية الدولية، ضف إلى ذلك أن السودان أيضاً مصادق على اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، التي تنص على تسليم المطلوبين بين الدول المصادقة. وكانت لخطب الشيخ القرضاوي الأثر الكبير في إحداث القطيعة بين بلدان الخليج العربي ودولة قطر، التي تستضيفه، فقد سبق للقرضاوي أن أثار الكثير من التوتر بين الإماراتوقطر، وكانت لخطبه النارية التي صبت جام غضبها على حكام الإمارات العدو اللدود للإخوان المسلمين- كان لها أثرها الكبير؛ فالداعية المصري الذي منحته دولة قطر الجواز القطري، وصفه ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي بأنه شيخ الفتنة، ووصف دولة قطر بأنها تغرد خارج سرب دول مجلس التعاون الخليجي، القرضاوي الذي درج على مهاجمة الإمارات في خطبه من مسجده في قطر؛ بسبب موقفها تجاه جماعة الأخوان المسلمين بعد الإطاحة بنظامهم في مصر، ودعمهم للسيسي، إضافة إلى احتضان الإمارات للفريق أحمد شفيق مرشح الرئاسة السابق في مصر والمحسوب من فلول النظام السابق، وكما أوردت بعض الصحف رد ضاحي خلفان رئيس شرطة بلدية دبيي، "ووصفه بشيخ الفتنة"، متهماً إياه بالعمل على زرع الفتنة بين أبناء الخليح، وأنه ينتمي إلى جماعة الأخوان الإرهابية في مصر، مضيفاً "قد عرفنا الإسلام من قبلك يا شيخ الفتنة؟"، وجاء رد خلفان، عبر تويتة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قال فيها: "يا شيخ الفتنة المرة الأولى، قال البعض إنك أخطأت، ولكن هذه المرة أنت تعمدت الإساءة لأهل الإمارات، وبصفتي مواطن إماراتي أنتظر يأمر طويل العمر، يا شيخ الفتنة في يوم جمعة تصف الإماراتيين بهذه الصفة"، مضيفاً "يا شيخ الفتنة أنت عضو فعال في جماعة إرهابية في بلدك مصر، يا شيخ الفتنة أهل قطر أهلنا فلماذا أتيت لتفرق الأهل في الخليج؟. تصنيف السعودية والإمارات ومصر أكبر البلدان العربية، وأهمها اقتصادياً لجماعة الأخوان جماعة إرهابية خلط الأوراق في المنطقة، الدول مضت في تطبيق ما رأته من مواقف تجاه كل ما يحمل فكر الأخوان المسلمين، كان له تأثيراته المالية والاقتصادية الكبيرة على السودان بإيقاف التحويلات المالية، وتقليص استثمارات دول الخليج في السودان، ويخشى من أن تصب زيارة الشيخ القرضاوي مزيداً من الزيت على النار، في حين تقول المصادر: "تسعي جهات نافذه لمنع زيارته إلى السودان، قطر- نفسها- بعد اجتماع مجلس التعاون الخليجي الأخير رضخت للمجلس؛ فهي لن تغرد خارج السرب كثيراً، والخطر الإيراني يحدق بمنطقة الخليج من احتلال للجزر الإماراتية، التي يمكن أن تتوسع إلى البحرين التي لها طموحات فيها، وبما تشعله من أزمات، واستقطاب للسكان الشيعة، إضافة إلى سعيها لإنتاج القنبلة النووية، كل ذلك جعل من قطر ترضح، وأن كانت لم تبدِ بعد نية واضحة في ذلك، لكنها قامت- بالفعل- بطرد عدد من قادة جماعة الأخوان المسلمين من أراضيها، أو غادروا- كما قالت بعض المصادر- لرفع الحرج عن الحكومة القطرية- غادروا إلى تركيا. المؤتمر- إن قدر له أن يقوم سواء أن حضره القرضاوي أو لم يحضره- فإن المشاركين الذين يختلفون في كثير من الفكر والآراء فيما بينهم، فالغالب عليهم فكر السلفية والأخوان المسلمين، وإن كانوا جميعاً يلتقون في المذهب السني، من المتوقع أن يناقشوا عدداً من القضايا المهمة التي أصبحت تؤرق كاهل العديد من الدول الإسلامية، التي أصبحت تشهد صراعاً كبيراً، وتفككاً وتطرفاً، ومنها ما تقوم به الدولة الإسلامية داعش في العراقوسوريا، إضافة إلى التمدد الشيعي في المنطقة، وأثره على الدولة العربية السنية، إضافة إلى مشكلة سوريا التي تعاني اشتعال حرب منذ أكثر من ثلاث سنوات، وغيرها من قضايا الدولة المعاصرة في ضوء السياسات الشرعية)، وهو العنوان الذي يجمع هذا الكم من علماء الدول الإسلامية، كذلك يتوقع أن يطرح الغنوشي التجربة الديمقراطية التي شهدتها تونس في انتخاباتها الأخيرة، وإن كانت قد قد أبعدت جماعة الأخوان المسلمين، التي ينتمي إليها من حصول الأغلبية، كما كان في الحكومة السابقة تجارب يقول عنها المراقبين: إنها كانت أنموذجاً جميلاً لدولة تونس، التي قدمت ثورة (الياسمين)، التي أطاحت بنظام ابن علي، وحفظت تونس من أتون الحرب الأهلية- كما حدث في بعض بلدان الربيع العربي . التيار