عدا المولد النبوي الشريف، لم يعتد السودانيون على تخصيص أمكنة محددة للاحتفال بأعيادهم المختلفة، ولكن في (عيد المولد) تتوجه أعداد غفيرة من المحتفين بهذه المناسبة إلى ميدان المولد بالخرطوم (الحلة الجديدة)، وكذلك ميادين الجوازات، المزاد، والمولد في بحري. لكن يعتبر حوش الخليفة بأم درمان المكان الأهم إذ تنتظم فيه احتفالات لا نظير لها، حتى أصبح مقترناً بها، وربما يعود ذلك الزخم إلى البعد التاريخي لهذا الحوش الذي أسس قبل أكثر من قرن، وكانت كل المناسبات الوطنية تُنظم فيه، حيثُ يتميز بكبر المساحة. وقد صور الشاعر الفذ (محمد المهدي المجذوب) هذا المشهد بدقةٍ إذ قال: (وهنا حلقة شيخ يرجحن/ يضرب النوبة ضرباً فتئن وترن/ ثم ترفّض هديراً أو تجن). أمكنة مُستثناة لكن هنالك بعض الحارات الأمدرمانية (البعيدة) نسبياً عن حوش الخليفة تنظم هذا الاحتفال في ميادين خاصة بها، مثل الثورة الحارة الثامنة التي يتخذ سكانها الميدان الكبير شمال غرب مستشفى النو، مكاناً للاحتفال، كما تحتفل المحليات بطريقة خاصة إذ تنظم (زفة) تجوب بعض الشوراع الرئيسة بالمدينة. ميادين الاحتفال على محيط الحوش من الخارج وحوله تنصب (متاجر) صغيرة لبيع الحلويات الخاصة بهذه المناسبة، من أشهرها المحلات المشهورة في حوش الخليفة والتي هي أقدم المحلات، محلات (أبوالجيل) محلات (السر المغربي). ويقول أحد التجار في محيط حوش الخليفة: "المحلية تؤجر الدكاكين بالأقدمية ولفترة طويلة (من 5 إلى 6) أشهر"، وأضاف: "التجهيزات تبدأ من قبل شهر من الاحتفال، ويتم إيجار الدكان ذي الثمانية أمتار بمبلغ (6.042) ألف جنيه، وذي الأربعة ب(3.021) ألف"، واستطرد: المحلية تعطي لكل تاجر تصريحا لثلاثة أشهر، وتفرض رسوم نفايات بحسب حجم الدكان، للكبير (200) جنيه زائدا جنيها واحدا للدمغة، والصغير (100) جنيه وجنيها آخر للدمغة، ومبلغ (26) جنيها للصحة، ورسوم للكهرباء بحسب الإضاءة، وأعتبر ذلك ضغطاً كبيراً من المحلية على التجار". مشاهد الاحتفاء وفي السياق يعتبر المولد النبوي الشريف، موسماً للحلويات بمختلف أنواعها وألوانها الزاهية، تحتفي الشوراع وتزدهي وترتدي حلة من الألق والجمال، ابتهاجا بمولد سيد البشرية إمام المرسلين وخاتم النبيين وسيد الخلق أجمعين، محمد صلى الله عليه وسلم. وهي عادة درجت عليها معظم البلدان الإسلامية وسط فرحة عارمة من الجميع، ولعل أهم مظاهرها هي "حلاوة مولد" التي تمثل حضورا طاغياً ولا تكتمل فرحة المولد إلا بوجودها، إذ تتزين الأماكن بألوانها وطعمها الرائع. أنواع الحلويات وفي ذلك قال (محمد) تاجر في أحد المحلات بمحيط حوش الخليفة: المولد النبوي هو موسم الحلويات بأنواعها وأسعار المختلفة، فالسمسمية والحمصية والفولية يتراوح سعر الكيلو منها بين (30 35) جنيها، أما حلوى العلف فهي نوعان ناشف ولين ويبلغ سعر الكيلو منها (50) جنيها، وهنالك نوعان الجوزية مربعة وملفوفة بالمكسرات والجوز ويبلغ سعر الكيلو منها (50) جنيها، أما العسلية والهريسة فيبلغ سعرها (50) جنيها، أما حلوى الجلاتين والدومية واللكوم فتتراوح ما بين (40 45) جنيها للكيلو. عرائس المولد تتراوح أسعار العرائس بين (10 60) جنيها، باختلاف أحجامها أما سعر كيلو المشكل فيبلغ (50) جنيها، والنوجا (80) جنيها، وعلف الفول (50) جنيها، أما أكثر الحلويات إقبالاً الأكثر فهي السمسمية والحمصية والفولية والجوزية واللكوم، بينما انخفض الإقبال على أنواع الحصين والعرسان، لأن الأطفال أصبحوا لا يهتمون بأشكال الحلوى. اليوم التالي