برلين- بينت جملة من الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من روائح كريهة بالجسم كثيرا ما يسقطون فريسة للعزلة والاكتئاب لشعورهم بنفور من يحيطون بهم، لا سيما وأن من يشكو من هذه الظاهرة كثيرا ما يتعود أنفه على رائحتها ولا ينتبه إليها عندما يكون بين الناس. كشف الباحثون أن هناك أسبابا جينية ومرضية وراء انبعاث الروائح الكريهة من الأجسام والتي تشمل جل الإفرازات مثل التعرق والهرمونات والسوائل. كما توصل علماء ألمان إلى اكتشاف جزيء بروتيني معين هو الذي ينقل جزيئات العرق المسببة للروائح الكريهة إلى السطح الخارجي للجلد. وبعد وصول جزيئات العرق إلى الجلد تقوم البكتريا بتحليلها، ما يؤدي إلى خروج المادة المسؤولة عن رائحة العرق التقليدية. وتجدر الإشارة إلى أن أغلبية من يعانون من هذه الحالة عاجزون عن الانتباه إلى حدتها إلا عند ملاحظة ردود فعل الآخرين. ويطلق أطباء الأنف والأذن والحنجرة على هذه الظاهرة صفة "التأقلم" لأن الفم والأنف مرتبطان ببعضهما البعض ومن ثم تنفذ هذه الرائحة بشكل رتيب فيعتادها الشخص ولا يلتفت إلى أثرها فيما بعد. وتتضح هذه الظاهرة أكثر إذا ضربنا مثلا لشخص قادم من الهواء الطلق إلى حجرة مكتظة. فسيجد أن رائحة المكان كريهة في حين أن الجالسين في الحجرة لوقت طويل لا يلحظون ذلك لأنهم اعتادوها. من ذلك نفهم لماذا يشعر المحيطون برائحة فم شخص في حين أنه نفسه لا يشعر بها. ويقول دكتور ميشائيل ديج من اتحاد أطباء الأنف والأذن أن أسباب انبعاث الروائح الكريهة من الفم عديدة بينها الأسنان التالفة أو إصابة تجويف الفم بمرض، بالإضافة إلى تناول بعض المأكولات مثل الثوم والبيتزا. وتنشأ الرائحة من الناحية الكيمائية من خلال البكتريا وبقايا الطعام وبعض المواد العضوية الأخرى التي تؤدي إلى نشوء نوع من الروابط الكبريتية التي تخرج مع الزفير. ولا يفلح غسيل الأسنان بالفرشاة أو مضغ اللبان أو أقراص النعناع في التغلب على الرائحة إلا لمدة قصيرة. وأثبتت الدراسات أن ما يقرب 7 بالمئة من الأفراد الذين يعانون من سوء رائحة الجسد لديهم اضطرابات في الجهاز الهضمي تحول دون هضم أطعمة بعينها. فالجهاز الهضمي يعمل على تخليص الجسم من الفضلات والعرق وهذا الأخير يعتبر بيئة جيدة للنشاط البكتيري وإذا جف على البشرة يبدأ هذا النشاط في العمل بحيث تصدر هذه الرائحة الكريهة. كما يمكن أن تصدر نتيجة خلل في بعض أجهزة الجسم. وفي النساء بشكل خاص، حيث تعد فترة التبويض والتعرض للتوتر من العوامل التي تزيد الرائحة الكريهة في الجسم. وتناول بعض الأطعمة التي تحتوي على مركبات بعينها من الأحماض الأمينية، كاللحوم الحمراء، تساعد على إصدار هذه الروائح. كما أن تناول الأطعمة الحريفة كالفلفل الحار والأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من التوابل تؤدي إلى صدور روائح كريهة عند التعرق. كذلك البصل والثوم يؤثران سلبا على رائحة العرق. وأحيانا يعاني البعض من روائح كريهة في السرة، نتيجة الانتفاخ والالتهاب بسبب تجمع الإفرازات والسوائل فيها. ولعلاج الأمر، يجب أولا تحديد سببه. فإذا كان السبب هو عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية فالحل بسيط. ويجب وضع نظام يومي لنظافة الأسنان والجسم والشعر، والنتيجة ستنعكس فورا على الحالة النفسية قبل الجمال. فيجب أخذ حمام مرة على الأقل يوميا، إذ أن العرق وحده لا رائحة له. ولكن جفافه على البشرة التي تحتوي على بيكتريا ميكروسكوبية يساعد على اتحادهما معا مما يؤدي إلى تكاثر هذه البكتريا سريعا ومن ثم تنتج رائحة كريهة جدا. لذا يجب غسل الأجزاء الأكثر عرضة للتعرق بشكل مكثف. لذا نجد الأشخاص الذين يتعرقون بمعدل طبيعي أكثر عرضة للروائح الكريهة مقارنة بمن لديهم فرط تعرق. فالعرق الزائد يزيل الروائح تدريجيا. كما يجب استخدام المنظفات المضادة للبكتريا، فهي تقلل معدل نمو البكتريا على البشرة، وبالتالي تخفض من الروائح الكريهة. ويوصي الأطباء على ضرورة تجفيف الجسم جيدا بعد الاستحمام وخاصة الأماكن التي تتعرق كثيرا. فالبكتريا يصعب نشاطها وتكاثرها في الأماكن الجافة. ومن الأمور المهمة الحرص على تغيير الملابس فور التعرق وعدم وضعها في خزانة الملابس إلا بعد غسلها، مع ضرورة ارتداء ملابس داخلية من القطن 100 بالمئة فهو الأفضل في امتصاص العرق. ثم تغييرها فور الوصول إلى المنزل بعد الاستحمام. وبالنسبة لتعرق القدمين فمن الجيد ارتداء الجوارب القطنية مع وضع بودرة القدمين في الحذاء أيضا. أما إذا كان السبب يرجع لخلل داخل أجهزة الجسم فيجب التخلص من سموم الجسم وأحسن طريقة للتخلص منها هي إتباع حمية غذائية المعروفة بديتوكس. أثبتت دراسة بريطانية أجريت مؤخرا عن أن مضادات العرق تزيد من رائحة الجسم الكريهة بدلا من أن تزيلها. وأشارت الدراسة إلى أن السبب في ذلك هو أن مركبات الألمونيوم التي تستخدم في جميع مضادات العرق تقتل البكتريا الجيدة، الأمر الذي يؤدي لزيادة البكتريا الضارة ومن ثم ظهور الرائحة الكريهة، إضافة إلى أن هذه المضادات تسد مسام الجلد وهو ما يشكل خطورة كبيرة على الجسم، لأن العرق يخلص الجسم من السموم. وينصح الخبراء بالإقلال من مضادات التعرق والاستعاضة عنها بالاستحمام المتكرر وتغيير الملابس باستمرار.