اختارت مجلة الرافد الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في إمارة الشارقة، مجموعة قصائد كتبها مؤخرا الشاعر العراقي عذاب الركابي، لتؤلف منها عدد هذا الشهر (مارس 2015)، وذلك تحت عنوان "رسائل المطر – تجربة في الهايكو العربي". يتضمن كتاب "رسائل المطر - تجربة في الهايكو العربي"، للشاعر عذاب الركابي خمس قصائد في 64 صفحة فقط من القطع الصغير كان قد قدّم لها شاعرنا في توطئة خاصة، متوقفا فيها عند مرجعية عباراته وكلماته وربطها بما هو في أعماقه منذ أن كتب ديوانه "ما يقوله الربيع". يقول الركابي في التوطئة "في مجموعتي هذه، كانت الكلمات صاحبة المبادرة. ولهذا جاءت مشاغبة والبلاغة مستفزة، والخيال أكثر جنوحا وشرودا وابتكارا أيضا، والحالة الشعرية أكثر نضوجا. تلك هي لغة الصبر على التجريب، وذلك هو إيعاز الجسد المموسق. ونزيف القريحة الهادر، للحد من ظمإ الروح، ومباركة الهاجس الشعري. وإحياء سلالة الحلم، لتأخذ الكلمة ما يكفي من الحرية، وما يلزم من الحب". ويعرف عن الهايكو أنه نوع من أنواع الشعر الياباني -وبعيدا عن الأسس والقواعد الخاصة به- يحاول قائله أن يعبر عن أحاسيسه متجنبا الألفاظ المركبة أو المعقدة، حيث تكون البساطة هي لغة القصيدة. وفي هذه النماذج من الهايكو العربي يحاول الركابي أن يختصر صفحات من السرد في عبارات موجزة تتألف من كلمة أو اثنتين، يحمّلها الكثير من المعاني والمشاعر وكأنها تجسّد روحه كاملة، وتستحضرها لتكون موجودة بين السطور. فتراه يشبّه العصفور المتنقل بين غصن وآخر، ومن شجرة إلى أخرى، الشيء الذي انعكس على نهاية الكلمات والقوافي، التي بدت إلى حدّ كبير تشبه زقزقة العصافير في توليفة متناغمة. يعقد الركابي في معظم قصائد المجموعة حلفا مع الطبيعة. فيخوض في تشعباتها ويرسم مظاهرها بالكلمات، ويجعل منطقها المضمون العام والفعلي الذي يوحي غالبا بالأمل، بالفرح، بالانتصار على اليأس وبكل ما هو جميل ومضيء. على العكس مما تبدو حياتنا اليوم. إذ يقدّم لنا المستقبل بطريقة تجعلنا مقبلين على عيشه حقا. قد يكون من الصعب تذوّق "الهايكو" في هيئه العربية، لأنه يتطلب ذوقا خاصا يختلف عن ذلك الذي نواجه به القصيدة التي اعتدنا قراءتها. إلا أن كثيرين نجحوا في هذه المهمة، فتراهم منكبين على قصائد الهايكو، مثلما يوجد كثيرون دأبوا على كتابته وصياغته.