مالام جابا (باكستان) - ما زال ياسر خان يرتعد عند ذكر عناصر طالبان الذين هددوه قبل ثلاث سنوات بقطع رأسه اذا عاد الى ممارسة رياضة التزلج على الثلج في مالام جابا في وادي سوات في باكستان الذي طردت قوات الجيش منه المتمردين الاسلاميين المتشددين في العام 2009. وينطلق ياسر خان في التزلج في مدرج التزلج الوحيد في هذه المنطقة التي ترتفع 2630 مترا عن سطح البحر، رغم ان القلق ما زال يساروه من جيوب التمرد التي ما زالت قائمة في الجبال المحاذية ومن فكرة أن تشويه الهجمات الانتحارية جمال هذا الوادي شمال غرب باكستان. وانضم الى ياسر خان اربعون شخصا تحدوا الخوف وانتظموا في مسابقة تزلج ينظمها الجيش الباكستاني في محاولة لاعادة تنشيط السياحية في هذه المنطقة التي كانت في ما مضى الوجهة الاولى للسياح الاجانب في البلاد. في العام 2007 سقط وادي سوات في يد المتمردين الاسلاميين الذين يقودهم مولانا فضل الله، في الوقت الذي أعلنت حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة الجهاد ضد اسلام آباد بسبب تعاونها مع واشنطن في "الحرب على الارهاب" التي أطلقت في نهاية العام 2001. وتمكن التمردون حينها من السيطرة على الوادي دون اطلاق رصاصة واحدة، اذ استقبلهم بترحيب كبير سكانه الذين عانوا الكثير جراء الفساد وغياب مساعدات السلطات المحلية أو تلك الحكومية. لكن حركة طالبان سرعان ما فرضت قانونها المرتكز على نظرة متشددة للشريعة الاسلامية، فمنعوا وسائل الترفيه وأحرقوا المدارس وزرعوا الرعب بين السكان من خلال تنفيذ اعدامات ميدانية وقطع رؤوس معارضيهم. وفي مالام جابا، أحرق عناصر طالبان فور سيطرتهم على المنطقة، فندقا من 72 غرفة في موقع التزلج، وفجروا المقعد الهوائي (تيليسياج) الذي بني بتمويل نمسوي في العام 1988. واليوم، وبعد سنتين على انطلاق الهجوم المضاد الذي نفذه الجيش الباكستاني لاستعادة المنطقة واستعادتها ببطء، ما زال ياسر خان يتذكر ذات يوم من أيام العام 2007، عندما صادر عناصر من طالبان مدججون بالسلاح الواح التزلج منه. ويقول هذا الشاب البالغ اليوم من العمر 19 عاما "كنت تحت تأثير الصدمة عندما عرضوا علي ان اتابع تدريبا عسكريا معهم بدل التزلج على الثلج، ونصحوني بأن انضم الى الجهاد". ويضيف "ثم كسروا الواح التزلج، وقالوا لي 'عليك ان تتجنب القدوم الى هذا المكان اذا اردت ان تحافظ على رأسك". تقع مالام جابا على مسافة 300 كيلمتر شمال غرب اسلام آباد، وهي قريبة من المناطق القبلية المحاذية لافغانستان، والتي تعد معقل حركة طالبان باكستان والمقر الرئيسي لتنظيم القاعدة في العالم، والقاعدة الخلفية لحركة طالبان افغانستان. وهي المرة الاولى التي تفتح فيها هذه المحطة السياحية ابوابها منذ العام 2007، لكن الامل بعودة السياح الى هذه المنطقة ذات الجود العكسري الكثيف ما زال ضئيلا. فالفندق ما زال مدمرا، والمشاركون في مسابقة التزلج التي ينظمها الجيش عليهم ان يتسلقوا مدرج التزلج على اقدامهم بسبب تدمير المقعد الهوائي. وقد عمد بعض من سكان المنطقة فقط الى تحويل منازلهم الى فنادق. واضافة الى غياب التجهيزات والبنى التحتية اللازمة، ما زال عامل الخوف مسيطرا هو الآخر في هذه المنطقة كما في كل انحاء البلاد. فخلال ثلاثة اعوام ونصف عام وقع في باكستان حوالى 450 هجوما، معظمها هجمات انتحارية، أسفرت عن مقتل 4200 شخص. يقول العقيد عرفان الله خان "لقد نظمنا هذا الحدث لنقول للعالم ان السلام عاد الى وادي سوات". أما رحمة علي، احد هواة التزلج، فيقول أمام نحو 300 متفرج معظمهم من سكان المنطقة "الناس خائفون. هم ما زالوا يخشون من خروج عناصر طالبان من مخابئهم وعودتهم". ومن هذه المؤشرات على سيطرة الخوف، ان هناك اربعين مشاركا في المسابقة من بينهم 27 مقيمون في مالام جابا ومحيطها، أما الباقون فمن العسكريين والموظفين، وليس من بين اولئك المتزلجين امرأة واحدة.