هذا هو العام 3014 حيث يهدد العالم غزو فضائي رهيب، ويبقى أمل البشرية الوحيد هو فريق مكون من رجل شرطة سابق، ورجل سايبورج ذي أطراف إلكترونية، وخبيرة اتصالات وكمبيوتر، وحمار معدل جينيا يجيد الكلام. هكذا تنطلق أحداث رواية "فوت علينا بكرة" والتي تم طرحها كأول كتاب كوميكس مسلسل في مصر، وذلك في نوفمبر الماضي، بدعم من مؤسسة جراد، وتم طرح العدد الرابع من "فوت علينا بكرة" أخيرا في حفل توقيع أقيم في مسرح روابط بالقاهرة. تعد تجربة رواية "فوت علينا بكرة" والتي تم طرحها كأول كتاب كوميكس مسلسل في مصر، هي الأولى في مجال القصص المتسلسلة التي يحتاج القارئ إلى متابعة إصداراتها شهريا، كما تعكس كذلك سعي دور النشر لتقديم أشكال مختلفة من الممارسات الإبداعية المطبوعة. "فوت علينا بكرة"، هي رواية هزلية تجمع بين الخيال العلمي والكوميديا، وحسب مؤلفها شريف صالح فإنها تهدف إلى إسعاد الناس وجعلهم يضحكون، وتعطيهم كذلك بعضا من الرؤية المتعمقة للمجتمع الذي يعيشون فيه، وبعد النجاح الذي حققته الأعداد الثلاثة الأولى، سيتم طرح 9 أعداد أخرى من "فوت علينا بكرة" لتصل أعدادها إلى 12 عددا تصدر جميعها بدعم من مؤسسة "جراد"، وهي شركة أو استوديو لتطوير وإنتاج المحتوى تهدف إلى تقديم الدعم وتوفير الموارد والتطوير والإبداع في المجالات الفنية المختلفة، وتشجيع التعاون بين الفنانين والموهوبين في مجالات الإعلام بمصر. ومنذ تأسيسها في مايو عام 2014 حاولت "جراد" تذليل العقبات التي يشهدها الوسط الفني والإعلامي ومنها نقص الموارد وعدم وجود روح التعاون اللازمة، وذلك عن طريق إمداد المواهب الشابة بالمساحات وفرق العمل اللازمة لتحقيق المشاريع الفنية والإعلامية الخاصة بهم. الرجل البرباطوز مؤلف العمل شريف صالح هو مجرد شاب عادي يعمل كطبيب أسنان في إحدى العيادات بالقاهرة أو هكذا يبدو الأمر. ولكنه يمارس عمله كرسام للكوميكس والرسوم الساخرة تحت اسم "برباطوز"، وينشر أعماله في عدد من الصحف المصرية منذ عدة سنوات. فعندما بدأ في رسم الكاريكاتير وممارسة ذلك بشكل احترافي، كان عليه البحث عن اسم كوميدي، وفي نفس الوقت يستقر في أذهان الناس بسهولة. ومن هنا قرر خلق "الأفاتار" أو الشخصية الرمزية الخاصة به وهو الرجل ال"برباطوز"، الذي ليس له قصة محددة أو أي شيء، بل إنه لم يظهر كشخصية معينة في رسوماته، لكنه مجرد رمز أو أيقونة للأعمال التي قدمها، وال"برباطوز" في العامية المصرية هو الزي المكون من قطعة واحدة ويرتديه الأطفال عادة. وعن رواية "فوت علينا بكرة" يقول صالح "هو كتاب قصص مصورة أو ما يسمى بالكوميكس، يتم تقديمه في شكل أعداد مسلسلة كالمجلة، وهو قصة كاملة تم تقسيمها إلى 12 كتيبا، يمكن تصنيفها على أنها كوميديا وخيال علمي، ويتم من خلالها تصور شكل مصر في المستقبل عام 3014 أي بعد حوالي ألف عام من الآن، وكيف ستبدو الحياة وقتها، أعتقد أن الأمر سيكون مثيرا للضحك بشكل كبير". الكاريكاتير والسياسة خلال الأعوام الماضية ازداد اهتمام قطاع كبير من الجمهور بفنون الكوميك والرسوم كطريقة للتعبير والتعليق وتفسير الأحداث الاجتماعية، فهل ترى أن هذا الاهتمام يتطور بشكل ما؟ يجيب شريف صالح قائلا: نعم أعتقد ذلك ففي السنوات القليلة الماضية بدأ الناس يبحثون عن طرق بديلة للحكي والنقد والتعليق الاجتماعي، سواء كان ذلك عن طريق الكتابة على الجدران "الغرافيتي" أو الكاريكاتير أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، وقد تزايد الانتباه إلى مثل هذه الممارسات الإبداعية خلال السنوات القليلة الماضية. وعن أوجه الاختلاف بين العمل على رسوم الكوميكس المنفصلة السريعة مقابل العمل على رواية مصورة كاملة، يقول صالح: رسوم الكوميكس أو الرسوم الكاريكاتيرية بشكل عام تختلف عن الرواية المصورة في أنها تحاول توصيل رسالة في فترة قصيرة من الزمن، بينما مع الرواية الطويلة مثل "فوت علينا بكرة" يتم بناء عالم متكامل وخلق شخصيات مختلفة، وعلى الناس أن يتذكروا الأحداث السابقة والعيش من خلالها، وهو أمر رائع أعشقه بشدة في عالم الكوميكس، فما أروع أن تفتح كتابا ساخرا وتدخل في هذا العالم الخيالي، حينها سوف تنسى كل شيء في العالم من حولك، وهذا ما أحاول القيام به مع سلسلتي الطويلة، وأنت لا تستطيع أن تفعل ذلك من خلال رسوم الكاريكاتير السريعة. وعن الدور الذي من الممكن أن يلعبه رسامو الكوميكس في إطار تشكيل الرأي العام، والتأثير في المجتمعات، أو حتى تقديم شكل جديد من الفنون غير المألوفة للجمهور، يرى شريف صالح أن الرسوم الكاريكاتورية السياسية في الصحف المطبوعة لديها القدرة على التأثير وتوصيل الرسائل السياسية أو الآراء إلى القارئ. رغم أنه يؤكد أنه يحاول هنا ومن خلال هذا النوع من الكوميديا أن يقدم وسيلة للتعليق والنقد الاجتماعي بدلا من التعليق السياسي، هذا لأنه ربما بدأ يشعر بالملل من السياسة. يقول "كنت قد قدمت عددا من رسوم الكاريكاتير السياسية لفترة من الوقت، ثم شعرت أنني لا أريد أن أفعل هذا بعد الآن. أنا أحاول أن أجعل الناس يضحكون، فهدفي الرئيسي هو أن أترك الناس يستمتعون ويضحكون، وإن كانت أعمالي سببا في إعطاء القراء بعض البصيرة في ما يتعلق بالأمور الاجتماعية، أو كانت سببا في تغيير الناس قليلا إلى الأفضل، فسأكون سعيدا بالطبع إن حدث هذا".