ربما كان مفاجئا للبعض أن يجيب ماركيز عن سؤال لصحافي اسباني عن روايته الأحب إلى قلبه، بأنها رواية «عاصفة الأوراق»، وهو كاتب رواية «الحب في زمن الكوليرا»، و«مئة عام من العزلة» التي حصل بفضلها على جائزة نوبل. قد يبدو لنا أن الرواية الأشهر لكاتب ما هي الأقرب إليه أو الأكثر مبيعا، أو التي حصلت على جوائز أو تقدير كبير من النقاد، ولكن هناك علاقة خاصة بين الروائي ورواياته، هو الحكم الوحيد في تفضيل رواية عن أخرى، ولأسباب خاصة قد تكون بعيدة عن المعايير التي نقيس بها أهمية أو جودة الروايات. ليلاس سويدان سألت بعض الروائيين العرب عن روايتهم الأقرب إليهم، فقالت الروائية الكويتية ليلى العثمان: القراء يحبون رواية «وسمية تخرج من البحر»، والنقاد كتبوا كثيرا عن «صمت الفراشات» و«خذها لا أريدها» و«المحاكمة». ولكن شخصيا أحب رواية «العصعص»، التي سميتها فيما بعد «حلم الليلة الأولى»، فعندما أردت طباعتها الطبعة الثانية، اقترحت علي دار الآداب تغيير عنوانها، لأن العنوان الأول لم يكن جذابا للقارئ. ووافقت على ذلك المقترح بشرط الإشارة إلى عنوانها الأول في الطبعة الثانية. سبب حبي لهذه الرواية، هو شعوري بأنني نضجت أكثر كروائية في هذه الرواية، وأجدها رواية مكتملة فنيا، إضافة إلى أنني أحبيت أبطالها، وخصوصا الطفل «سلوم». فواز حداد- الروائي السوري- قال ان رواية «جنود الله» هي الرواية التي يظن أنها أهم رواياته بالنسبة للقراء، ولكن عن الأهم بالنسبة له قال: لكي أكون منصفا، لا يوجد لدي رواية إلا وتعنيني بشكل شخصي، ولولا ذلك لما كتبتها. هذا عامل مهم يحفزني على الكتابة، لهذا لم تخل رواية منه. مؤخرا روايتي «السوريون الأعداء» كانت الأهم بالنسبة لي، رغم أنها في جانب منها قضية وطن تتجاوز الأشخاص. ما شكلته لدي من دافع شخصي قوي هو الذي جعلني أواظب على كتابتها فترة امتدت الى ثلاث سنوات. كنت فيها أشكو من عدم التركيز، بفعل المتابعة اليومية للثورة والاضطرابات والاشتباكات وجرائم القتل، لكن لولا مسؤوليتي الشخصية إزاء هذا الحدث الهائل على جميع المستويات، لما تمكنت من إنجازها كملحمة كبرى، تعنيني أولا، وربما كنت أكتبها لنفسي، تبرئة لتقصيري وعجزي معا، ربما عوضت جزءا منه في رواية هي شاهد على عذابات السوريين، والحق في مطالبتهم بالحرية. يوسف المحيميد- الروائي السعودي- قال عن روايته الأقرب له: علاقتي تنتهي تماما بروايتي عند وضع النقطة الأخيرة من الرواية، وأتعامل معها كقارئ فحسب، لذلك تختلف ذائقتي من وقت لآخر، مع أنني أمتلك ذائقة قرائية مرنة ومتجددة، لذلك قد أحب شخصية روائية هنا أو هناك، أحب حدثا ما، أو حالة مكان، أحب وصف حالة ما في هذه الرواية أو تلك، لذلك يصعب اختيار رواية محددة، كعمل قريب ومحبب أكثر من غيرها، وبشكل كامل أكثر من غيرها. شخصيا كقارئ أحب الرواية المتجددة، ذات الحالة الإنسانية، والمكتوبة بلغة ورؤية شعرية، كما أحب العمل الذاتي المنفتح على العالم، لذلك أجد «فخاخ الرائحة» و«غريق يتسلى في أرجوحة»، عملين محبوبين وقريبين مني، ومن ذائقتي، أكثر من غيرهما. واسيني الأعرج-الروائي الجزائري- قال: القراء يفضلون «طوق الياسمين» و«أنثى السراب» وتأتي بعدهما «سيدة المقام». أما بالنسبة لي فرواية «طوق الياسمين»، تعني لي الشيء الكثير على الصعيد الذاتي و«أنثى السراب» استمرار لجنونها. لكن سيرتي أقلب فيها ذاتي بشكل معلن وفيها أشياء تهمني جدا. أمير تاج السر- الروائي السوداني- خالف أيضا القراء في روايته المفضلة من بين رواياته، وقال: رواية «اشتهاء» أقرب إلي لأنها في رأيي رواية تحتفي باللغة العربية وجمالياتها، وقد كتبت فيها كثيرا من الاستعارات والتشبيهات، واستفدت من كل إمكانات اللغة، كما أنها تذكرني بفترة جميلة عملت فيها مفتشا طبيا في ريف شرق السودان، الريف الذي علمني الحكي وأمدني بالأساطير وبخامات الشخصيات التي ما زلت أكتبها حتى الآن.