لو يرجع زمن أمدرمان.. والمحطة الوسطى، الترماي والبوستة والأسكلا.. ومحلات جورج مشرقي.. التي كتب لافتتها ب«منتدى أم درمان الثقافي والرياضي والسياسي»، ولو ترجع سينما القس «برمبل» ومقهى يوسف الفكي.. ونادي الخريجين.. السياسيين وجلسات الشعراء وعمالقة الفن، لو ماض لم يمحه الزمان وإن بقيت هذه المساحة الأمدرمانية في ذاكرة الذين عايشوها، مثل الشهد في حلاوة ذكرياتها التي كنا نهاراً من يوم أمس نستلقط منها ونحن نتوقف أمام محلات جورج مشرقي في المحطة الوسطى التي اندثر منها مبنى البوستة وصار أطلالاً يتدثر بسياجها «الشماسة» وعدد من السيارات والركشات. مشرقي جورج مشرقي الابن الثالث في الترتيب لعائلة جورج الأب المولود في المسالمة.. قال لنا: الزمن لن يعود.. ولكن نحتفظ ببعض ملامح المحل لوالد كان الأول في هذه المساحة الأمدرمانية.. وقبلة صفوة المجتمع من سياسيين ومبدعين ورياضيين.. كان الأزهري ومبارك زروق، وحسن عوض الله، ومحمد توفيق حتى أن الأزهري داعبهم ذات مرة قائلاً: «تركتم النادي وبقيتوا تجوا لجورج».. وكان الراحل عثمان حسين والشاعر بازرعة يبدأون مناقشة القصيدة وتلحينها في المقهى الذي كان شراكة مع يوسف الفكي ولكن فض الشراكة وعمل مقهى وحده، قال جورج مريخابي.. وأنا هلالابي.. كان أنصار الهلال في مقهى يوسف الفكي والمريخاب معنا.. كان مقهى يوسف الفكي وباراز منيوتي أنطون. ويقول محمد بلال إنه يعمل مع الراحل جورج مشرقي منذ العام 1954م أي بعد افتتاح محلاته بتسع سنوات، وما زال في علاقة تؤكد عظمة التعايش بين الاسلام والمسيحية في السودان.. ووصف بلال مشهد المنتدى الذي كان في المحل.. تجد الفنانين الشفيع وأبوداؤود وسيد خليفة وشعراء أمدرمان، ويتذكر ان جورج اهدى لسيد خليفة يوم زواجه طقم عشاء فاخر، وهو كريم وذو علاقات واسعة، وكان يتبرع بالمال للأعمال الوطنية ويشارك في أفراح الناس وأتراحهم رحمه الله.. فجورج ذو أخلاق عالية.. تمتد معرفتي بأهله من مدينة الأبيض حيث ولد فيها أبوه وعاش.. رغم أن أصول العائلة من صعيد مصر.. وهكذا.. جورج مشرقي نكهة من زمن أم درمان الجميل. الرأي العام