حذّر خبراء اقتصاد ألمان رئيس الوزراء البريطاني من تمسكه بالاستفتاء على بقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي. وقالوا إن خروج بريطانيا من الاتحاد ستكون له تداعيات اقتصادية خطيرة على السوق الأوروبية، بينما هدّد مصرفان كبيران وشركة ايرباص بالانسحاب من بريطانيا أو نقل جزء من عملياتها إلى أسواق أخرى. العرب برلين- طالبت الأوساط الاقتصادية الألمانية رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالعدول عن فكرة إجراء استفتاء على خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، ودعته إلى اعتراف واضح وصريح بالانتماء إلى الاتحاد. كما حذرت من أن خروج بريطانيا من الاتحاد سيفقد السوق الأوروبية الداخلية ثقلها، في وقت لوّح فيه عدد من كبار المصارف والشركات بالانسحاب نهائيا من السوق البريطانية. وقال المدير التنفيذي للرابطة الاتحادية للصناعات الألمانية ماركوس كيربر قبيل زيارة كاميرون إلى برلين إن "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيقودنا جميعا إلى طريق مسدود". واعتبر أنه من الخطأ اتخاذ خطوات قومية منفردة، وقال إنه "في عام 2050 لن يكون هناك على الأرجح أي دولة أوروبية بمفردها ضمن أكبر تسع دول اقتصادية في العالم". وحذّر من أن تحركات ديفيد كاميرون في هذا الاتجاه ستضرّ بالبريطانيين، لأن المستثمرين ينظرون إلى حجم السوق الذي يستثمرون فيه. وأوضح أن السوق البريطانية التي تضم نحو 64 مليون مستهلك لن تكون في هذه الحالة ذات ثقل مقارنة مع السوق الداخلية الأوروبية التي يبلغ عدد مستهلكيها حاليا نحو 500 مليون نسمة. وأثار قرار رئيس الوزراء البريطاني، بشأن إجراء استفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية عام 2017، حالة من الغموض في الأوساط الاقتصادية والاستثمارية في بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. وقالت تقارير اقتصادية، إن عددا من كبرى الشركات والمصارف تفكر جدّيا في سحب استثماراتها من السوق البريطانية رغم فترة التعافي التي يشهدها الاقتصاد البريطاني في الوقت الراهن. وأشارت إلى أن مجموعة ايرباص عملاق صناعة الطائرات والأسلحة، التي يعمل في مصانعها في بريطانيا حوالي 16 ألف عامل، لوّحت بإعادة النظر في الاستثمار في المملكة المتحدة مستقبلا. وكان مصرف أتش.اس.بي.سي البريطاني، قد لوح قبل أيام بنقل مقره الرئيسي من المملكة المتحدة في حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وقال محللون، إن مجرّد تفكير المصرف البريطاني، الذي يعدّ من أكبر المصارف الأوروبية والعالمية، في الانسحاب، كردّ فعل على قرار الاستفتاء، رسالة تحذير للحكومة البريطانية، قد تعقبها خطوات جدّية. ويبلغ إجمالي أصول مصرف أتش.اس.بي.سي في المملكة المتحدة حوالي 2.63 ترليون دولار. وقال دوغلاس فلينت الرئيس التنفيذي للمصرف البريطاني "إن أكبر مسألة مبهمة تواجه المصرف تتمثل في عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي". وذكرت تقارير ألمانية، أن مصرف دويتشه بنك الألماني، يدرس هو الآخر نقل جزء كبير من عملياته من المملكة المتحدة، في حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويعتبر دويتشه بنك، أكبر مصرف ألماني من حيث الأصول يعمل في بريطانيا، ويشغل نحو 9 آلاف شخص، ما يعني أن نقل جزء من عملياته أو انسحابه نهائيا ستكون له تداعيات مقلقة على الاقتصاد البريطاني. وكان ديفيد كاميرون الذي يقوم بجولة أوروبية لشرح مشروع القانون الرامي إلى إجراء استفتاء حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، قد دعا شركاءه الأوروبيين إلى أن يكونوا أكثر مرونة من أجل إصلاح الاتحاد. وقال على إثر مشاورات أجراها في باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن "أولويتي هي إصلاح الاتحاد الأوروبي لجعله أكثر تنافسية ولتبديد قلق البريطانيين لجهة انتمائنا". وأضاف أن "الحفاظ على الوضع القائم ليس كافيا، ويمكن القيام بتغييرات والإفادة لن تكون فقط من بريطانيا بل من بقية أوروبا". وتابع "إننا نريد مساعدة منطقة اليورو على تحسين أدائها ولا نريد أن نكون عائقا أمام اندماج أكبر. المهم أن يكون أعضاء الاتحاد الأوروبي مرنين وخلاقين لمواجهة هذه التحديات". ويلتقي كاميرون خلال جولته زعماء الدول الأعضاء قبل قمة رؤساء الدول والحكومات في بروكسل يومي 25 و26 يونيو المقبل. ويطمح إلى استعادة بعض الصلاحيات إلى سيادة البرلمان البريطاني وتشديد شروط الحصول على المساعدات الاجتماعية لرعايا الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن "رئيس الوزراء حازم في قوله لشركائنا الأوروبيين إذا لم نكن قادرين على طمأنة الهواجس الكبيرة للشعب البريطاني، فإننا لن نفوز في الاستفتاء". واعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن طرح فكرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمر سيئ، لكنه قال إن فرنسا "ستحترم قرار الشعب البريطاني". وحذر وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس من أن الاستفتاء طريق "محفوف بالمخاطر". وقال "الشعب البريطاني اعتاد على ما يقال له بأن أوروبا أمر سيئ وحين يؤخذ رأيه، فإن ثمة خطرا في أن يقولون فعلا إن أوروبا أمر سيئ"، في إشارة على احتمال تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد.