استغرب الشيخ حسن الترابي في تلك الأمسية التي ستصبح تاريخا في مسيرة الاسلاميين والسياسة في السودان ..جاء الرئيس البشير ببزته العسكرية الى اجتماع هيئة الشورى المؤتمر الوطني..الترابي الحائر التفت يمنة ويسرى يبحث عن تلاميذه الاوفياء.. علي عثمان من الغائبين..فيما كان دكتور نافع علي نافع ينظر لشيخه بتحد غريب..غازي صلاح الدين شغل نفسه بمراجعة المذكرة الموسومة بمذكرة العشرة..انتهى ذاك الاجتماع الحاسم بتقليم أظافر الشيخ الذي لم يعد مسيطرا على مقاليد الامر في الانقاذ..مازال البشير يقود المعركة بهدوء ومهارة ضابط مظلات تعود ان يتحسس مواقع أقدامه قبل الهبوط..بعد كل ذلك السيناريو المتدرج حدثت مفاصلة الاسلاميين والتي منحت الانقاذ عمرا اضافيا بعد ان كادت تعصف بها الضغوط الخارجية. وقبل تلك المفاصلة بعشر سنوات كان العميدعمر البشير يقطع كبري الجيش بعربة تايوتا متهالكة..اهل السلطة كانوا منشغلين في مناسبة زواج تخص احد أعيان المدينة ..وصل البشير الى القيادة العامة متسلحا بسر الليل المختصر في كلمة( الوطن الغالي) ..فيما كان رجاله يحتلون الأسلحة المختلفة بزعم انهم ينفذون انقلابا لصالح قيادة الجيش التي كانت قد أنذرت رئيس الورزاء عبر مذكرة القوات المسلحة في فبراير 1988..انتهت تلك الليلة بإخراج مسرحية اذهب الى القصر رئيساً وسأذهب الى السجن حبيسا. ربما كان التاريخ يعيد نفسه بوجه جديد..الاسبوع المنصرم شهد اجتماعا لهيئة شوري المؤتمر الوطني..جلسة الاجتماع تم تأجيلها الى وقت لاحق لغياب المشير البشير لظرف اجتماعي طاري جعله يطير الى أهله بمنطقة صراصر بالجزيرة..عند الموعد الجديد كان الشيخ علي عثمان من الغائبين..فيما جلس نافع علي نافع في الصفوف الخلفية.. والرئيس البشير يوجه نقدا مؤلمًا للتنظيم السياسي الذي يرأسه ..قال البشير لإخوته اخشى عليكم مصير الاتحاد الاشتراكي الذي أفل بسقوط النميري ..ومن قبل كانت عقوبة (تتفيه ) الحزب الحاكم تقلي بصاحبها في مرمى الغضب الرسمي. في تقديري.. ان لغة البشير الجديدة تجاه الحزب الحاكم لها ما بعدها..المشير على طول تاريخه السياسي كان يمرحل معاركه ويهيئ لها حتى لا تقع وقع المفاجاة ،،النقد اللاذع جاء والرئيس محاط سياسيا بقادة يثق فيهم ويعرفهم جيدا..علاقة الرئيس بالفريق بكري صالح تعود لما قبل الانقاذ..وكذلك معرفته بوزير الدفاع الجديد الفريق عوض بن عوف تبدو كذلك قديمة ومتينة..فيما الفريق عبدالرحيم محمد حسين الذي ال له حكم العاصمة فيعتبر من المقربين الاكثر قربا من المشير البشير..إذن الرئيس يعرف اين يضع قدميه في المرحلة القادمة. كل الاحتمالات واردة..ربما ينفتح الرئيس اكثر على كل السودانيين ويرد لهم أمانة الحكم ليختار الشعب من يحكمه عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة..وربما يعيد الرئيس عقارب الساعة الى الوراء ويعود ليعانق الشيخ حسن الترابي معلنين بداية عهد جديد للحركة الاسلامية السودانية..وليس بعيدا ان يعيد الرئيس البشير بناء الحزب الحاكم على أسس جديدة تعيد ادماج الحزب في المنظمومة الإقليمية المعادية للاسلاميين. بصراحة..كل المؤشرات في الأفق تدل على بداية تَخَلَّق مرحلة جديدة..ولكن ليس هنالك افضل من ان يرد الامر للجمعية العمومية لكل السودانيين. (اخر لحظة) [email protected]