كشفت شهادات عشرات الأشخاص الذين يعملون في مدينة بانتيو، عاصمة ولاية الوحدة في جنوب السودان، النقاب عن الاختطاف الممنهج والاعتداء على النساء؛ كشكل من أشكال "دفع الرواتب" للقوات المتحالفة مع الحكومة، بحسب صحيفة "جارديان" البريطانية. وأوضح الشهود أن آلاف النساء والفتيات – اللاتي لم يتجاوز أعمارهن 12 عاما – تعرضن للاعتداء في "معسكرات الاغتصاب" في جميع أنحاء ولاية الوحدة. وأدت الفظائع البشعة في مدينة بانتيو إلى لجوء أكثر من 110 ألف شخص إلى قاعدة الأممالمتحدة في جنوب السودان لالتماس الأمن. وقال خبير عسكري في بانتيو، فضل عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالتحدث للإعلام: "رواتب مقاتلو المليشيات هي الأشياء التي ينهبونها، والنساء التي يختطفونها"، مشيرا إلى أنه سمع عن اقتياد النساء إلى معقل المليشيات في منطقة مانكين في مقاطعة مايوم بولاية الوحدة، وكذلك إلى "حظائر الماشية". ويعتقد الخبير أنه "في جميع أنحاء الولاية، ربما أصبحت آلاف النساء زوجات أو رقيق" للقوات المتحالفة مع الحكومة التي جندها قادة المقاطعة لمساعدة الجيش في استعادة السيطرة على الأراضي من المتمردين، في هجمات وحشية في الفترة ما بين إبريل الماضي حتى سبتمبر الجاري. وفي إحدى الحالات، اُختطفت "نيابول" هي و 19 أخريات من قريتهن في مقاطعة ريكونا في إبريل الماضي، ولمدة شهرين، كانت نيابول مربوطة في عامود، معرضة لآشعة الشمس خلال النهار، ويعتدي الجنود عليها خلال الليل، في قاعدة تابعة للمليشيات تدعى كوتونج. وقالت نيابول: "عندما كان أحد الجنود يريد ممارسة الجنس مع واحدة منا، كان يأتي ويفك قيدنا، ويأخذنا بعيدا، وبعدها يعيدنا إلى نفس المكان لربطنا مجددا". وتابعت: "بين أوقات الاغتصاب، كان الجنود يربطون النساء إلى جوار سرير مصنوع من الورق المقوى، بدون حتى وجود شبكات الوقاية من البعوض". وانطلقت شرارة القتال العِرقي في عام 2013 بواسطة قائدي جنوب السودان المتنافسين؛ الرئيس سلفا كير، من قبيلة الدينكا، الأكبر في جنوب السودان، ونائبه السابق ريك ماشار، من قبيلة النوير. وخلال الأشهر الأخيرة، جندت الحكومة المليشيات والشباب من عشائر النوير في ولاية الوحدة لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وذكر الخبير العسكري أنه من خلال مفوضي المقاطعة، "تسلم شباب عشيرتي بول نوير وجيكاني نوير أسلحة، ورواتبهم هي ما يمكنهم أن ينهبوه". وقالت النساء اللواتي اُختطفن أن بعض "الأزواج" أجبروهم على تحدث لغة النوير، والبعض الآخر لغة الدينكا. وأفاد باحث حقوقي في جنوب السودان، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، خشية الانتقام، إن الهجوم المضاد في ولاية الوحدة اتسم ب"الكثير من حالات الاختطاف، مقترنة بحوادث الاغتصاب"، مشيرا إلى أن مقاطعة مايوم كانت الوجهة الرئيسية للمختطفات. وخلال الهجمات في الفترة ما بين إبريل وسبتمبر، قُتل ما لا يقل عن ألف مدني، واُغتصبت أكثر من 1300 امرأة وفتاة، واُختطفت 1600 امرأة وطفل في مقاطعات لير وماينديتي وكوش، وفقا لتقديرات الجمعيات الخيرية العامة في مجال حماية المدنيين.