كشف باحثون أن قضاء ثلاث ساعات متواصلة دون اقتطاع وقت للراحة يسبب الكثير من الأضرار على الأوعية الدموية والشرايين والدماغ والعمود الفقري والعظام. وهذه المخاطر تواجه النساء بدرجة أكبر من الرجال، بحسب دراسة حديثة. العرب سارة عوض تعددت الدراسات العلمية التي أثبتت مخاطر الجلوس المستمر لمدة ساعات متواصلة سواء أمام شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر أو بالنسبة إلى الأشخاص الذين يجبرهم عملهم على الجلوس لساعات طويلة لقضاء أعمالهم المكتبية. وتوصل الباحثون إلى ضرورة القيام بنشاط حركي بين وقت وآخر لحماية العظام من الإصابة بالمخاطر المحتملة. ويؤكد اختصاصي الطب المهني الألماني كريستوف أوبرلينر أن الجلوس المستمر هو العدو اللدود للظهر. وحذر من مخاطر هذه العادة السيئة على صحة العمود الفقري والساقين والأوعية الدموية. ونبهت دراسة كندية حديثة من خطورة الجلوس المتواصل دون حركة، حيث أوضحت أن ثلاث ساعات فقط من الجلوس المتواصل بشكل مستمر قد تؤدي إلى تلف في الأوعية الدموية للساقين خاصة بالنسبة إلى الفتيات. وقد قام الباحثون بإجراء تجربة على فتيات تتراوح أعمارهن بين السابعة والعاشرة. واتضح بفحص الشريان الرئيسي للساق أن الجلوس المستمر غير المتقطع تسبب في ضيق تحكم مرور الدم ونقص قدرة الشريان على التمدد بنسبة تبلغ 33 بالمئة. كما اتضح وجود تغيرات في الشكل التشريحي للشرايين وبالتالي احتمالية التعرض لأمراض الأوعية المختلفة. وحذرت الدراسة من الحياة الخاملة التي يعيشها المراهقون من حيث قضاء وقت طويل في الجلوس أما شاشات التلفزيون والكمبيوتر أو حتى الأعمال المكتبية والتي تتطلب الجلوس المستمر لمدة ساعات طويلة بغرض الاستذكار والتي قد تؤدي إلى الوفاة لاحقا في البلوغ. وأشار الباحثون إلى أن الجلوس المستمر يزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وارتفاع مستوى الكولسترول في الدم بنسبة 50 بالمئة. وقد سبق أن أثبت علماء أميركيون أن الجلوس لمدة طويلة يضر بخلايا المخ ويمحو أي فوائد إيجابية قد تعود على من يمارس الرياضة باستمرار في ذات الوقت. وقام الباحثون، في جامعة الينوي الأميركية، باختبار 88 شخصا، تتراوح أعمارهم بين 60 و78 عاما، صنفوا على أنهم أصحاء بدنيا ولكنهم لا يمارسون الرياضة بشكل معتاد وقاموا بمراقبة واختبار المخ وتوزيع الماء فيه. واختلفت النتائج تبعا لطبيعة تحرك الأشخاص في اليوم الواحد. وأثبتت نتائج مسح المخ أن الأشخاص الذين يقومون بنشاطات بدنية، من معتدلة إلى قوية، قلت نسبة إصابة المادة البيضاء في المخ لديهم. والمادة البيضاء في المخ هي جزء من الجهاز العصبي المركزي وتتأثر بمرور الزمن والتقدم في العمر. لهذا كان الأشخاص الذين يجلسون لساعات طويلة أكثر من تضررت المادة البيضاء لديهم. وأوضحت دراسة أخرى أن الأشخاص الذين يجلسون دون حركة لساعات يوميا، ربما يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري مقارنة بمن يتحركون لفترات أطول خلال اليوم. وقد شملت الدراسة نحو 2000 شخص. وقد تبين من خلال رصد تحركاتهم خلال ساعات الاستيقاظ لنحو أسبوع. واتضح أن الأشخاص الذين يجلسون دون حركة لأكثر من عشر ساعات في اليوم، زادت احتمالات إصابتهم بمرض السكري بواقع 4 أضعاف. وبالمقارنة مع الأشخاص الذين يجلسون لأقل من ست ساعات يوميا، كان الأشخاص الذين يجلسون دون حركة لأكثر من عشر ساعات يوميا أكثر عرضة للإصابة باختلال في سكر الدم، والذي كثيرا ما يتطور إلى مرض السكري. وحذر أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة دمياط، الدكتور أشرف التابعي، من مخاطر الجلوس المستمر الذي من شأنه أن يسبب العديد من المخاطر الصحية. وأوضح أن العظام تحتاج إلى الحركة التي تساعد على سلامتها وسريان الدم في الجسم بشكل جيد. والجلوس المستمر يتسبب في إصابتها بالتيبس والهشاشة وضيق الشرايين وعدم وصول الدم إلى الساق بالشكل المطلوب وهو ما يهدد صحة العظام في المستقبل والإصابة بأمراض خطيرة. ويضيف التابعي أن الجلوس المستمر يهدد سلامة العمود الفقري أيضا ويصيبه بالإجهاد ويزيد من احتمالية الإصابة بالغضروف مستقبلا، علاوة على الإصابة بآلام الرقبة، والتهاب عضلات الكتفين، والتهاب المفاصل وخشونة الركبتين. كما أن مضار هذا الجلوس تشمل الإصابة بالسمنة أيضا وسوء توزيع الدهون في الجسم. لهذا ينصح التابعي بضرورة أخذ قسط من الراحة لمدة عشر دقائق في الساعة الواحدة والقيام بالمشي أو أي نشاط حركي أثناء فترة الراحة. وشدد شق آخر من العلماء على أن الخطر الأكبر ليس في مدة الجلوس وإنما في قلة الحركة والخمول، في حد ذاته. وتابع باحثون جامعيون في بريطانيا خمسة آلاف شخص، منهم 3720 رجلا و1412 امرأة، على مدى 16 عاما، وخلصوا إلى أن الجلوس سواء في البيت أو في العمل لا يزيد من خطر الوفاة. وقال ميلفين هيلسدون أحد معدي الدراسة، إن أبحاثهم تظهر ما يخالف الأفكار السائدة حول المخاطر التي يمكن أن تنجم عن الجلوس، وتبين أن الخطر الفعلي ينتج عن عدم الحركة، وليس عن الجلوس لوقت طويل. وأضاف أن الدراسة تشير إلى أن تقليص الوقت الذي يمضيه المرء جالسا لا يعني بالضرورة رفع أمد الحياة المتوقع. ودعا الباحثون إلى تشجيع الناس على أن يكونوا أكثر نشاطا، واعتبار ذلك من أولويات الصحة العامة.