"حرصاً مني على تمليك الرأي العام بما يجري داخل مؤسسات التعليم العالي ببلادنا وتجاوزات الوحدات الجهادية داخل الجامعات والانتهاكات التي يتعرض لها أبناؤنا الطلاب من قبل منتسبي هذه الوحدات سأورد هنا قصة الاعتداء الذي تعرضتُ له شخصياً داخل جامعة السودان يوم الثلاثاء الماضي.. توجهت عصر ذلك اليوم لمقابلة عميد كلية الهندسة جامعة السودان لمتابعة تطورات الاعتداء على ابني وخلال مروري بالقرب من الوحدة الجهادية التابعة لطلاب الوطني بالجامعة (بيت النمل) حاول بعضهم القبض على شخصي وإرغامي على الدخول الى (البيت) حيث علت أصواتهم بالهتاف (دا أبو السجاد): جيبو دخلوه جوّة جيبو.. جيبو جوة .. جوة نجحت في تجاوزهم واتخذت طريقي إلى مكتب العميد متفادياً الاشتباك معهم وخرجت من مكتب العميد بعد أن أبلغته بما جرى ويجري والإجراءات التي اتخذتها وسلوك طلاب الوحدة الجهادية ضدي شخصياً، واتصلت بابني (السجَّاد) الذي كان موجوداً داخل الحرم الجامعي ليلحق بي في الشارع أمام مدخل الجامعة.. حضر سجَّاد يتبعه نحو 15 طالباً من طلاب الوطني وعند وصوله للعربة التي كنت أقودها هجموا علينا هجمة رجل واحد وأوسعونا ضرباً... أنا وابني سجَّاد والسيارة وأحدثوا بها تلفاً.. حاولنا الدفاع عن أنفسنا، ولكن بتدخل بعض المارة فُض الاشتباك وتحركنا. وأعلن هنا أنا وابني السجاد بأننا متمسكون بحقنا الشرعي في الدفاع عن أنفسنا، وأننا نسير في هذه القضية وفقاً للإجراءات القانونية مع الأجهزة العدلية وأننا سنقوم بتصعيد هذه القضية لأعلى مستوى قانوني ودستوري حتى نكف ظلم المعتدين وينعم أبناؤنا وإخواننا الطلاب والمشتغلين بالحقل التعليمي ببيئة تعليمة وتربوية آمنة ومستقرة بعيداً عن العنف والإقصاء والتخويف.. الجدير ذكره أنه قد تكشفت لي معلومات مهولة وخطيرة عن هذه الوحدات الجهادية وفي كل الجامعات بلا استثناء". ما تقدم بيان أصدره رئيس لجنة الدكتور عمار السجاد رئيس لجنة إسناد الحوار، وربما أدرك السجاد خطورة هذه الواحدات بعد وصل أذاها ابنه ثم لحق به شخصياً، ولعل هذه الصدمة التي تعرض لها السجادون جاءت في هذا التوقيت لتوضح بالممارسة الفعلية أن الحوار الوطني لم يبدأ بالفعل. إن الوحدات الجهادية عزيزي السجاد لا توجد في سوح الجامعات فحسب، بل تعكس مدى العقلية الحقيقية التي ينطلق منها الحزب الحاكم، ولعلك تلحظ كيف كانت ندوات إسناد الحوار التي أقامتها ولاية الخرطوم بمحلياتها المختلفة وكيف صرف عليها المعتمدون حتى تكون في حلة زاهية فتراصت الكراسي الوثيرة وعلقت النجفات ووزع السجاد العجمي بعناية فضلاً عن أن المنصة نصبت في أحدث المسارح، وفي المقابل تجد أحزاب المعارضة عنتاً ومشقة لإقامة ندوة، وتمنع قياداتها من السفر، ويساق طلابها ليل نهار إلى غياهب هذه الواحدات الجهادية ولا يستطيعون مجرد الاستنكار كما فعل السجاد لأن الجميع سيكونون لهم بالمرصاد وليس طلاب الوطني فقط. من محطة (الوحدات الجهادية) يبدأ الحوار المقصود (دكتور السجاد) فأزمات السودان استعصت وتشعّبت وتأقلمت ومن ثم تدولت، حتى أصبحت مفاتيح الحل في أغلبها خارجياً وليست داخلياً، والجميع يُدرك هذا الواقع وأن أي حوار وطني يجب أن يُراعي مطالبات الواقع السوداني الحالي المُعقد، والمتشابك بعضها مع بعض ومنها تجفيف هذه الوحدات الجهادية . نتفق دكتور السجاد أنه لا بد من إيجاد المَخرج، ولكن ثمن هذا المَخرج هو محور البحث والذي يجب أن يبحث عنه الآخرون، ولذلك عندما تغاضيتم البصر وبدأتهم الحوار بمن حضر الآن تصلون الى أن تهيئة المناخ ليست منحة. الجريدة