منذ أن أطلق رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم (صديق الشيخ) دعوته لتشجيع الأسر على تربية الأغنام والحمام والدجاج بالمنازل ومنظر الزرائب، والمواطنون داخلها لا يفارق خيالي . تصريح بدا جليا أن من أطلقه بعيد كل البعد عن معاناة المواطنين وأحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم، وأنه يتحدث من برج لا يرى من خلاله إلا أفكارا ساذجة لا رؤية فيها ولا تخطيط استراتيجي ولا تصلح حتى في (ونسة المشاطات) . لو كنت أيها (الصديق) قريبا من المواطنين لعلمت أن أكثر من نصف هذا الشعب تحت خط الفقر!! هل تعلم ماذا يعني هذا؟ يعني هذا أنهم لا يملكون ثمن بيضة ناهيك عن تربية الدواجن، ولا يملكون قوت يومهم حتى يطعموا المواشي، ولا يملكون مأوى حتى تسكن معهم الأغنام . لو كنت تمثل مواطني الولاية حقا لعلمت أن تربية المواشي من الرفاهيات التي لا قبل للمواطن بها، لأنها تحتاج إلى مساحة واسعة وأعلاف وعناية بيطرية، وهذا ما يُعرف اصطلاحا عندكم باسم (مزرعة) . لو كنت تمثل المواطنين حقا لعلمت أنهم يعانون من الملاريا والبلهارسيا والسرطانات والفشل الكلوي ولا تنقصهم الإصابة بإنفلونزا الطيور . لو كنت قريبا من المواطنين لعلمت أنهم يسكنون في مساحات ضيقة تكفي فقط لتمارس أنت من خلالها لعبة البلياردو . لو كنت قريبا من المواطنين لعلمت أن ثمن ربطة البرسيم يعادل قيمة المرتب في ثلاثة أيام لمتوسطي الدخل . لو كنت قريبا من المواطنين لتحسست أحلامهم في حياة عصرية وأمنياتهم ببيئة نظيفة لا روث ولا نفايات فيها بدلا عن أن تعود بهم القهقرى إلى عصر الرعي. ولكن.. هب أيها الشيخ أن المواطنين اقتنعوا بفكرتك وقدموا تمويلا لشراء غنماية وتيس، وجدادتين وديك ، وأربعة أجواز حمام ، بأرباح سنوية من أحد بنوك التمويل ذات الأرباح الفلكية ، وهب أن كل مواطن جمع أطفاله في غرفة وأخلى الغرفة الأخرى للبهائم ، وهب أن وزاراة الصحة (دقت صدرها) وطافت على منازل المواطنين بالأمصال المجانية، وأن إدارة البيطرة قامت بحقن الدواجن بالتطعيمات اللازمة، وهنا لا داعي لذكر (أسعار الأدوية، ولا داعي للحديث عن الدواء المغشوش، والأمصال منتهية الصلاحية) ، هب أن كل ذلك حدث، هل تعلم ماذا سيحدث أيضا ؟ ما سيحدث أنه ستكون هناك ضريبة على كل بيضة ، ودمغة على كل رطل لبن ، وغرامة شهرية على صوت (ميييع....كاك....) إزعاج السلطات ، سيطلب أيضا من المواطنين تسجيل ممتلكاتهم من الحيوانات لدى السجل المدني، وملء استمارة أرباح ألبان ، وإقرار ضريبي بصفار البيض في كل بيضة، وتعهد بأن أية بيضة تفقس كتكتوت يتم تقديم تفاصيل عن يوم فقسها وفترة نموها ، حتى تصبح دجاجة وبذلك تضمن السلطات أن لا يحدث تهرب وإخفاء لعدد البيض الحقيقي. ستقوم أيضا سلطات النظام العام بالتأكد من عدد الدجاج مقارنة بعدد الديوك حتى لا تحدث خلوة غير شرعية أو اختلاط آثم ، سيتم أيضا فرض أربعة أرطال لبن ودستة بيض تقدم في المساجد دعما للمجهود الحربي . خارج السور: ربما يستعين المواطنون بأفراد من الحكومة لحلب الأغنام ، والمساعدة في فقس البيض ؛ لأنهم يجيدون حلب وفقس الأشياء . *نقلا عن السوداني