بدأ مواطنون في شمال السودان مسيرات سلمية عبّروا فيها عن رفضهم لإنشاء سدود لتوليد الكهرباء يقولون إنها سوف تغرق حضارة ضاربة في أعماق التاريخ وتشرّد أهلهم، وخرجت جماهير منطقة (عبري) في مسيرة كبرى شعارها (لا للسدود). ووقعّت الحكومة السودانية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي اتفاقا مع المملكة العربية السعودية لإقامة مشاريع وإنشاء سدود ،تقع ثلاثة منها في شمال السودان وهي (كجبار والشُريك ودال). وقام النوبيون السودانيون بحملة رفض واسعة لهذه السدود، مقدمين العديد من المشاريع البديلة لتوليد الطاقة والتي يقولون إنها تضمن استقرار أهلهم وتحفظ حضارة السودان، وشملت الحملة توقيعات عن طريق الفيديو لمثقفين وقادة رأي سودانيين،والقيام بتظاهرات سلمية ،وتسليم مذكرات للحكومة السودانيين ولمنظمات ومؤسسات عالمية من بينها (اليونسكو) لتوضيح الآثار السلبية لهذه السدود. ويرى ناشطون أنّ قيام هذه السدود يؤثر على أكثر من (70) منطقة، ﺳﻮﻑ ﺗﻐﻤﺮﻫﺎ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺴﺪود ﻣﻦ ﻛﺠﺒﺎﺭ ﺷﻤﺎﻻً ﻭحتى ﺍﻟﻘﻮﻟﺪ ﺟﻨﻮﺑﺎً، وحذّروا من تكرار تجربة تهجير الأهالي لقيام سد مروي ،حيث تضاعفت معاناة المواطنين في أماكنهم البديلة ولم يف السد باحتياجات المنطقة من الكهرباء. واستبقت السلطات قيام تظاهرات مناهضة لهذه السدود في العاصمة السودانية ومنعت تجمعا بنادي المحس في يوم 27تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وأصدرت قرارا بإغلاق النادي. ويقول عباس توفيق ،رئيس (دال) بالخرطوم إن رفضهم لقيام هذه السدود لا يعود لأسباب سياسية ،وهم لا يرفضون التنمية مطلقا ،لكنه يرى بأن هنالك بدائل عديد للطاقة تجنّب البلاد إغراق أغنى منطقة أثرية في السودان وتشريد أهلها، مقابل طاقة يمكن توفيرها من خلال بدائل عملية ومتوفرة. ويضيف في حديثه ل«القدس العربي» بأنهم قدّموا عبر خبراء مختصين العديد من مشروعات الطاقة البديلة للتوليد المائي، ومنها الطاقة الشمسية التي تتمتع بها منطقة شمال السودان، ويشير إلى أن الطاقة المستهدفة من هذه السدود تكفي فقط 5٪ من العجز، ويرفض عباس أن يكونوا كبش فداء لمشاريع خاسرة كما حدث لأهلهم في وادي حلفا بعد قيام السد العالي. ويقول إنهم يرفضون قيام هذه السدود بكل الطرق السلمية، من خلال كشف آثارها التي وصفها بالكارثية، وقيام التظاهرات السلمية، وإحاطة المؤسسات الوطنية والعالمية بخطورة هذه السدود على الآثار التاريخية الموجودة في المنطقة، والوجود الإنساني عبر آلاف السنين. وقال إن حال ما وصفهم بضحايا (سد مروي)، يؤكد أن أهلهم سوف ينتهون لنفس المعاناة الموجودة في مناطق أمري الجديدة، وأشار إلى أن جهودهم الرافضة لقيام هذه السدود سوف تتواصل رغم حملة القمع الحكومية المستمرة ،وأضاف بأنّ الحضارة الموجودة في تلك المنطقة ملك لكل السودانيين وإرث عالمي لذلك سوف يدافعون عنه حتى لواضطروا للتضحية بحياتهم. وأدان ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻨﺸﻄﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻻﺕ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﺟﻬﺎﺯ الأمن يوم الخميس الموافق 28/1/2016 ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻟﻨﺎﺷﻄﻴﻦ ﺑﻠﺠﻨﺔ ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺳﺪ ﻛﺠﺒﺎﺭ ﻭﻣﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ إﻗﺎﻣﺔ فعالية ﺳﻠﻤﻴﺔ ﺑﺪﺍﺭ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻤﺤﺲ ﺑﺎﻟﺨﺮﻃﻮﻡ وقال في بيان له – إنّ ﺍﻟﻤﻨاطق التي ستغمرها المياه ﺫﺍﺧﺮﺓ ﺑكنوز تاريخية وﺑﺂﺛﺎﺭ لا تقدر بثمن. ورفضت الجبهة الوطنية العريضة قيام هذه السدود مؤكدة وقوفها مع المتأثرين، وأشارت إلى أنهم ضحايا لسياسات حكومية فوقية أثبتت التجربة عدم جدواها الاقتصادية. وحيّت الجبهة الوطنية العريضة نضالات المواطنين المتأثرين بالسدود فى شمال السودان، والرافضين لتدمير حياتهم، وذلك بإقامة السدود والخزانات والتى تعمل على تشريدهم وفقدانهم ممتلكاتهم ومزارعهم ومحاصيلهم وأرض اجدادهم، وخصّت أهالى مدينة عبرى وضواحيها الذين خرجوا في تظاهرات سلمية ضد قيام هذه السدود. ويرى المهندس، خيري عبدالرحمن أحمد،إنّ هنالك بدائل كثيرة جداً لإنتاج الكهرباء وتوفيرها من دون سدود، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الطواحين الهوائية أو طاقة تيار النهرأو حتى المحطات الحرارية، خاصة بعد الإنخفاض الكبير في أسعار البترول عالمياً، ويرى أن كل هذه البدائل متاحة وتتوفر مقومات تنفيذها، فالطاقة الشمسية تتوفر مصادرها على طول العام في المنطقة الشمالية. ويقول إن مجمل الإنتاج المرتقب من الثلاثة سدود( دال وكجبار والشريك)، يعادل 1,400 ميغاوات، ويتساءل عن غض الطرف عن الطاقة المتوقعة من سد النهضة والتي يتوقع أن تُغني عن كهرباء كل السدود الموجود في شمال السودان. «القدس العربي»