اليوم وفي مكان العمل وجدتُ زميلي السوداني غاضباً ومستاءً، فسألته عن السبب فأجابني بحدوث واقعة تثير الغضب فعلاً بكلية الطب جامعة الخرطوم وخلاصتها: أن نائب العميد (العميد خارج السودان) أصدر قراراً بفصل جميع طلبة وطالبات الفصل الدراسي السادس (المستوى الثالث) بالكلية حتى إشعار آخر يسري من 1/2/2016م، لسبب غريب ومثير للدهشة وهو (زعل) دكتورة مادة علم المناعة إذ يبدو أن بعض الطلبة تحدثوا أثناء المحاضرة وطردتهم الدكتورة فأرادوا قبل المغادرة أن يوقعوا على محضر ال (attendance)، ويبدو أن ذلك أثار غضب الدكتورة فرفعت الأمر لنائب العميد الذي أصدر القرار المذكور أعلاه. وفي الواقع فلم أعذر الزميل على غضبه بل غضبت معه أيضاً، فهؤلاء الطلاب يقتطع لهم أهلهم مصاريف الدراسة والسكن والأكل والشرب والنقل وغيره من المصاريف من قوت باقي الأسرة وبعضهم يستدين في سبيل إكمال أبنائهم لدراستهم بالكلية، ويأتي مثل هذا القرار الغريب ليمسح بجرة قلم كل هذه التضحيات بسبب (زعل) دكتورة بالكلية من تصرف عادي يقوم به الطلبة في جميع الجامعات والمدارس في كل بقاع الدنيا، ولا يستدعي إصدار مثل هذا القرار المتعسف والظالم المفتقر إلى الحكمة أو حتى التروي، فضلاً عن أضراره الفادحة بالطلاب وأهلهم، حيث طال من لم يرتكبوا جريرة ويرغبون بكل جدية في استمرار الدراسة واستتاب الأوضاع خاصة وأن الدراسة تعطّلت لفترات طويلة في السابق. هل يُعقل أن يفصل سعادة نائب العميد أربعمائة طالب وطالبة أو يزيد بحجة تصرف طالبيْن أو ثلاثة لم يرق للدكتورة؟ أين العدالة؟ أين الحكمة؟ أين مصلحة الطلاب والعملية الأكاديمية؟ بل أين الرحمة؟ ما ذنب بقية الطلاب وما ذنب أهلهم خاصة أولئك المقيمين خارج السودان ولا يدرون هل يسافرون إلى أهلهم أم ينتظرون رحمة نائب العميد الذي جاء بذيل قراره العجيب عبارة (لحين إشعار آخر)؟ لا أتوقع أن هناك إدارة جامعة تحترم نفسها ومجتمعها وسمعتها الأكاديمية وتهمها مصلحة طلابها، تقوم بمثل هذا التصرف الأرعن المتهور، لقد كنا نظن أن من كان في مقام وعلم ورزانة نائب عميد كلية الطب بجامعة الخرطوم لا ينجر إلى هذه القرارات المتعجلة والجائرة التي تكيل بأربعمائة مكيال وليس بمكيالين. لقد أحسنّا الظن دائماً في علمائنا وأساتذتنا ومربينا –ولا نزال- في الابتعاد عن القرارات العشوائية والمتهورة في أماكن العلم خاصة التي تمس الطلاب الذين لا يطالهم العقاب وحدهم بل يطال أسرهم قبلهم. نناشد سعادة مدير الجامعة وعميد الكلية ونائبه الموقرين وكل من له علاقة رسمية أو غير رسمية بكلية الطب وبالعملية التعليمية عامة -وثقتنا بالجميع قائمة وحقيقية- أن يتداركوا هذا الأمر قبل استفحال الضرر وأن يحكِّموا العدل والحكمة ويسمحوا لهؤلاء الطلاب بمواصلة دراستهم بأسرع ما يمكن، ويكفي ما عانوه من تأخير ويكفي أسرهم ما تكبدوه من معاناة مادية ومعنوية. والله الموفق ،،،، اسم الكاتب: غديرالطلحة [email protected]