استغل العديد من مناصري الحركة الإسلامية في السودان رحيل زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي لدعوة أطياف الحركة للانضواء في كيان واحد وتناسي الخلافات، إلا أن آخرين تحفظوا على الدعوة ورأوا فيها مجرد أشواق لن تتحقق. عماد عبد الهادي-الخرطوم تسابق كثير من أنصار أحزاب الحركة الإسلامية السودانية المتناثرة للدعوة إلى تناسي مرارات الماضي والعودة إلى كيان إسلامي سوداني يعبر عن مرجعية واحدة، رغم تحفظ آخرين يرون أن الدعوة تظل مجرد أشواق لن تتحقق. وقد وجدت تجاوبا لم يعرف من قبل تلك الدعوات التي جاءت من عدد من قادة المؤتمر الشعبي ومناصريه، والمؤتمر الوطني الحاكم، وبعض أعضاء الحركة الإسلامية الذين كانوا قد فارقوا الحزبين إثر انشقاق الإسلاميين في العام 1999. وكان الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم حامد ممتاز طالب أمس الأول في حفل تأبين الراحل الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي، بتناسي مرارات الماضي والاتجاه نحو العمل الجماعي لمعالجة أزمات البلاد، وأكد في الوقت نفسه التزام حزبه بكل مخرجات الحوار الوطني الذي يمثل المؤتمر الشعبي أهم أضلاعه. ومع إصرار من يسعون إلى الوحدة ومن يرفضون، يرهن فريق ثالث تلك الوحدة بتحقق اشتراطات مهمة، أولها العودة إلى الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ووقف الحرب في البلاد. وحدة السودان أمين العلاقات العدلية بحزب المؤتمر الشعبي أبو بكر عبد الرازق يؤكد في تعليقه للجزيرة نت أنه إذا سارت الأمور على ما يرجو المؤتمر الشعبي من تطبيق لمخرجات الحوار الوطني الذي يجري في الخرطوم الآن ببلوغ وحدة الوطن وإرساء دعائم الحرية والديمقراطية "حينها سيتحدث الناس عن عقد اجتماعي جديد يكون جزءا من تحالفات لأحزاب أخرى". فيما يتساءل عضو الهيئة القيادية لحزب الإصلاح الآن أسامة توفيق عما إذا كان الراحل الدكتور الترابي هو العائق أمام تلك الوحدة حتى ينادى بها بعد وفاته؟ وعلى أي أساس يمكن أن تتوحد فصائل الحركة الإسلامية. وربط بين توحد تلك الفصائل ووجود أسس وعقد ومعايير جديدة "رغم أن الوحدة شوق يظل بعيد المنال على الأقل في الفترة الحالية أو القريبة المقبلة". ويقول للجزيرة نت إن حظوظ النفس عند البعض لن تسمح بالوحدة من جديد "وينسحب هذا على الحوار الذي سيعيد تشكيل الخريطة السياسية والتنفيذية في السودان". أمان وأشواق ويختم توفيق بقوله إن الوحدة أمنية وأشواق طيبة "لكني أراها بعيدة وفق العقلية الحاكمة حاليا التي لا ترى مكانا لغيرها في السلطة أو الحكم أو الإدارة". وفي اتجاه مقابل يعتقد رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى أن قضية توحد الإسلاميين "أمر رباني" خاصة إذا كانوا من مرجعية واحدة، ولا سيما أن "الآخرين يسعون إلى رمي المشروع الإسلامي عن قوس واحدة". وبرأيه الوحدة "هي لمواجهة الآخر المتربص". ويؤكد في تعليقه للجزيرة نت أن الأولوية الآن هي حل مشكلة السودان والانتقال إلى مربع جديد تسوده العدالة والديمقراطية والسلام بعيدا عن الاحتراب. أما رئيس المجموعة للتنمية الاستشارية الحاج حمد محمد خير فيرى عدم عودة لحمة مكونات الحركة الإسلامية "لأنه لا مستقبل لها في النظام العالمي الجديد". ويعتقد أن من تيارات الحركة ما هو متمسك بأفكاره الشمولية، ومنها من تخلى عن ذلك "وبالضرورة أن يتحول التيار الأخير وبعض المجموعات غير الشمولية إلى تيارات يمينية ووسطية محافظة". ويقول للجزيرة نت إن حال الحركة الإسلامية السودانية أصبح مرتبطا بالحالة العالمية غير المستقرة، مستبعدا في الوقت نفسه قبول السواد الأعظم من مناصري تلك التيارات بالعودة إلى الماضي الذي خلف مرارات لن تمحى من ذاكرة بعضهم.