المسؤلون الحكوميون، يعلمون نظرة المواطنين لهم، ويدركون بعد المسافة بينهم وبين الشعب، وشيئاً فشيئاً، ومثلما تحول الصبر إلى غضب، سيتحول الغضب إلى كراهية، ربما تولد العنف، وسيخرج الناس مرة أخرى إلى الشوارع، هذه المرة لا يتعلق الغضب بمباني جامعة، أو حريات، غضب مبعثه الجوع والشعور بالظلم، تجاه من اثروا ليس بعرقهم وجهدهم، بل بالإعتداء على مال الشعب، وخيانة الأمانة والتزوير والاختلاس. فقد كشف جهاز المراجع القومي، بولاية الخرطوم، عن تنامي حالات الإعتداء على المال العام بالولاية وإرتفاعها بنسبة (400%)، اربعمائة في المائة، عما كانت عليه في العام 2013م، وأبانت عائشة حواية الله، رئيس جهاز المراجعة بولاية الخرطوم، في تقريرها أمام المجلس التشريعي، أن هناك (25) حالة اعتداء على المال العام، في الفترة من سبتمبر 2014 وحتى أغسطس 2015، بواقع مليوني جنيه لكل حالة ، استردت منها 26 مليون جنيه فقط ، فضلاً عن مجموعة من المخالفات المالية، وأشارت إلى وجود (18) حالة أمام النيابة، وشطب أربع حالات، موضحة أن حالتين أمام المحاكم، وأن حكماً صدر في واحدة من حالات الإعتداء على المال العام، وقالت عائشة، إن تأخر اكتمال جسر الدباسين، والصيانة التي تمت في جسر المنشية، تعد إهداراً للمال العام نظراً لزيادة كلفة المشروع بحوال (27) مليون ج، التقرير أوصى بتطبيق القانون وسد الثغرات لتلافي حدوث اعتداء على المال العام، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات بالسرعة المطلوبة، وكشف تقرير المراجع العام لولاية الخرطوم للعام 2014- أغسطس 2015م عن زيادة جرائم المال العام، وأوضح أن جملة حالات جرائم المال العام والمخالفات المالية بلغت (29) مليوناً و(459) ألف و(136) جنيه و(57) قرشاً، وبلغت جملة المخالفات المالية (27) مليوناً و(491) ألف و(761) جنيه، وأشار التقرير إلى أن حالات جرائم المال العام بلغت (25) حالة، بمبلغ (مليون) و(967) ألف و(375) جنيه، بزيادة بلغت (مليوناً) و(575) ألف و(766) جنيها.. وتمثل الزيادة نسبة (402 %) عن العام السابق البالغ قدرها (391) ألف و(609) جنيه. تقريرالمراجع العام لولاية الخرطوم 2014 - 2015، كشف عن خصم مبلغ 651 مليون جنيه لجهات خارج الموازنة، إذ انشأ، والي الخرطوم الأسبق عبد الرحمن الخضر، مراكز صحية لدولة أثيوبيا في إطار التوأمة بين الدولتين بمبلغ مليون و208 ألف و227 جنيه، بجانب دعم لدولة جزر القمر بلغ 9 آلاف و762 جنيه في إطار التوأمة بين السودان وجزر القمر، كما دعم الخضر سفارة السودان في أبوظبي بمبلغ 15 ألف دولار، وتسديد وزارة المالية بالولاية مبلغ 2 مليون و669 ألف و800 جنيه، عبارة عن مديونيات تخص شركة المواصلات العامة لجهات خارجية، إضافة إلى دفع إيجار لمنزل معتمد شرق النيل، بجانب "فرش" استراحة لمعتمد جبل أولياء، مما تسبب في تضخيم بند السلع والخدمات بمصروفات ليست لها اعتماد بالمحلية، وأشار الى ظهور أرصدة شاذة (مدينة) بحسابات القروض، قرض بنك فيصل بمبلغ 290 مليون ج، وبنك الشمال بمبلغ 11 مليون ج، وبنك السلام 685 مليون ج، والبنك السعودي 942 مليون جنيه. هذه مبالغ تتجاوز ميزانية الولاية بمئات المرات، كيف وأين صرفت هذه الأموال؟ وهل هناك مستندات توضح كيفية الحصول عليها؟ هل هي قروض أم سلفيات؟ وما حجم هامش الأرباح المستحق عليها؟ وفي أيّ سنة مالية ظهرت هذه المبالغ الهائلة؟ ما يزيد الأمر غرابة إن الميزانيات المنشورة لهذه البنوك وقوائمها المالية لا تظهر هذه الحسابات والأرقام تحت ايّ بند، فهل تم سدادها؟ ولماذا تظهر في حسابات الولاية ولا تظهر بحسابات هذه البنوك؟ من الذي أعطى والي الخرطوم السابق، الحق في أن يتبرع من مال الشعب دون اذنه وعلمه وموافقته؟ ومن أين له بشركة رأسمالها (10) مليون دولار؟ رحل الاستعمار وبقى الاستحمار.. عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه البخاري، هؤلاء القوم لا يخافون الله ولا يستحون من خلق الله. الجريدة