بات من المحتمل أن يتحول انفصال دولة جنوب السودان، التي تنفصل رسميا عن السودان غدا، إلى زلزال جيوسياسي واسع النطاق لأن عشرات الحركات الانفصالية الناشطة في شتى بقاع العالم أصبحت تنظر الى هذا الانفصال باعتباره نموذجا يجب الاحتذاء به بهدف تحقيق طموحات عشرات الأقليات السكانية ذات التطلعات القومية للانفصال عن دولها وبناء الدولة الخاصة بها. وتعد دولة «جنوب السودان» الجديدة هي الدولة الأحدث التي انفصلت من السودان الكبير مساحة وحدودا وبترولا وموارد بموجب استفتاء شعبي أجري في التاسع من يناير الماضي وكانت نتيجته تأييدا من أهل الجنوب بالانفصال عن الشمال بنسبة 98.83% وهو استفتاء نص عليه اتفاق السلام الشامل الذي وقع بين الجانبين عام 2005 وأنهى حربا أهلية دامية استمرت 21 عاما وقتلت اكثر من مليوني شخص وملايين عدة من اللاجئين. وجنوب السودان هو الجزء الذي يمتد جنوبا حتى بحيرة ألبرت في أوغندا ويشتمل على ثلاث ولايات بحر الغزال، والاستوائية، وأعالي النيل، وتبلغ مساحة هذه المديريات 250 ألف ميل مربع أي ربع مساحة البلاد. ويضم جنوب السودان ثلاث مجموعات سلالية رئيسية هي النيليون، والنيليون الحاميون، والمجموعة السودانية، ويأتي على رأس هذه السلالات من حيث العدد والنفوذ والقوة النيليون ومن هذه السلالات انحدرت قبائل الجنوب السوداني مشكلة نسيجا اجتماعيا معقدا. ويرى المراقبون ان الأيام القادمة تحمل عديدا من المفاجآت فهل سنرى تطبيعا كاملا بين جوبا والخرطوم أم حربا بين دولتين أشد شراسة من سابقتها، سؤال سوف تجيب عنه الأيام القادمة ومسؤولو البلدين. من جهة أخرى أكدت الأممالمتحدة امس الخميس ان اكثر من 2360 شخصا قتلوا منذ مطلع العام في جنوب السودان الذي سيصبح غدا السبت دولة مستقلة، بينهم 500 قتلوا خلال شهر يونيو وحده. وبحسب أرقام الأممالمتحدة التي تستند الى حصيلة السلطات المحلية وتقديرات هيئات الأممالمتحدة قتل 2368 شخصا في أعمال العنف منذ يناير ما يعكس التحديات الكبرى التي ستواجهها الدولة الجديدة. وارتفاع هذه الحصيلة مقارنة بتلك التي نشرتها الاممالمتحدة الاسبوع الماضي 532 قتيلا اضافيا يعود للمعارك خلال عمليات سرقة الماشية في ولاية جونغلي جنوب السودان. وقالت ليز غراند منسقة الشؤون الانسانية في الاممالمتحدةلجنوب السودان «القتلى ال 500 سقطوا في المواجهات المسلحة بين قبائل النوير ومورلي في ولاية جونغلي» في اشارة الى مجموعتين اتنيتين في المنطقة. وأضافت «الأمر لا يتعلق بحادثة واحدة بل بسلسلة حوادث بدأت في اول أسبوعين من يونيو».