"إصلاح نظام التعليم كان أساس النهضة في ماليزيا" .. مهاتير محمد ..! الدول في نهضتها تحتاج التعليم الفني والتقني الذي توفره في السودان الكليات والمعاهد التي يتخرج فيها الطلبة بشهادات الدبلوم بعد أن يدخلوها مكرهين بسبب عدم قبولهم في كليات ومدراس البكالريوس ..! الفتوحات الأكاديمية لم تعد مرادفاً شرطياً للحكم على ثقافة الفرد ونضجه الفكري ووعيه الاجتماعي، كما كان الحال قبل عقود من الزمان .. في معظم دول العالم المتقدمة انتهت العلاقة الطردية بين تقدير المجتمع لنجاح الفرد ومستوى الدرجة العلمية التي يتمكن من الحصول عليها، ثم ولدت علاقة طردية جديدة بين تقدير المجتمع للفرد ومدى توفيقه في توظيف تخصصه الأكاديمي لإنجاح حياته المهنية! في ما يلي واقعنا المحلي الراهن أعتقد أن الوقت قد حان لنعيد النظر في أمر تلك العلاقة الطردية العقيمة بين تقدير مجتمعنا للفرد وبين نوعية تخصصه الأكاديمي (طب .. هندسة .. أسنان .. صيدلة) وذلك أضعف الإيمان ..! هنالك الكثير من أبناء جيلنا دفعوا ثمن فشل آبائهم في الالتحاق بكلية الطب أو الهندسة وألزموهم بتحقيق أحلامهم الخاصة بلا مراعاة موضوعية لإمكاناتهم وميولهم الأكاديمية .. فيشقى الواحد منهم بدراسة لا يجد فيها ذاته ثم يشقى بانضمامه إلى صفوف العاطلين ..! بلادنا تمر بمنعطف تنموي، استثماري، "حاد"، و"جاد"، يحتاج أن تعد له الدولة عدّتها الاستراتيجية، وأن تحشد له إمكاناتها البشرية المحلية .. في هذا المنعطف التنموي تبرز الحاجة الشديدة إلى تخصصات علمية ومهنية بعينها .. وتشتد الحاجة إلى التطوير الجاد والسريع لمراكز التدريب المهني ..! نحن نحتاج إلى أن نعيد تفصيل (باترون) الكليات والمعاهد العلمية على مقاسات حاجة البلاد إلى التنمية والتطوير .. نحتاج إلى موازنة جادة بين عروض الخريجين العاطلين وطلب الدولة وحاجتها لمؤهلات بعينها .. نحتاج إلى أن نعيد تشكيل خارطة الوعي الاجتماعي بأهمية وقيمة التخصصات المهنية التي طال تهميش دورها، وبالقيمة الحقيقية لشهادات (الدبلوم) الفني والتقني ..! سؤال بسيط : ما الذي يدعو ذلك الكم الهائل من الشباب إلى الاستماتة في الحصول على شهادة (بكالوريوس) في تخصص خامل تؤهلهم للوقوف طويلاً في صفوف العاطلين، إذا قامت الدولة بتشجيعهم على الاكتفاء بشهادات (دبلوم) جيدة في تخصصات مهنية ذات وظائف مستقبلية مواكبة، تضمن لهم الدولة استمرار احتياجها لهم في مسيرتها التنموية العشرينية القادمة على الأقل ؟! مؤكد أنها ستوفر بذلك وظائف لمئات العاطلين وتوفرعلى نفسها وعلينا سنوات كثيرة من الوقوف في (صف) التنمية المستدامة ..! اخر لحظة