الرسم بالماء، الرمل، رصف الحجارة الصغيرة والملونة أو وضع أشكال فنية بأوراق الأشجار المتساقطة، وغيرها من طرق استخدام مواد خام من الطبيعة في تجسيد لوحات فنية مبهرة، دونما الحوجة لمواد كيميائية بات تقليعة جديدة. ويبدو أن المتلقي ينبهر بذكاء الفنانين كلما أنتجوا أعمالاً وفقاً لنظرية العودة إلى الطبيعة، كما حدث في كثير من مسابقات المواهب الغربية والعربية، حين تُصوت لجنة التحكيم للمبدعين الذين يستخدمون الرمل أو الحجارة في إبراز مقدراتهم الفنية، مستعينين بمواهبهم وسحر الطبيعة في إبهار العالم، وهذا ما فعله الفنان السوداني معتز محمد الفاتح في تجربته مع الرسم، حين حول الشاي والقهوة والعديد من المشروبات المحلية كالكركدي والدوم والتبلدي إلى مواد ملونة للوحاته. نهج جديد بالرغم من أن سكب القهوة في اللوحات ليس عملاً جديداً، إلا أن معتز سلك نهجا آخر في الرسم، بأن ابتكر ما يُثبتها على اللوحات الورقية أو القماشية، الخشبية وحتى على الجدران، ما يُعدُّ اختراعاً يُنسب له، ليس هذا فحسب بل إنه ذهب لأبعد من ذلك بأن استخرج درجات الألوان من الأزهار والمواد المحلية البحتة، ساعياً إلى خلق مشرع سوداني محلي يعبر القارات عبر بوابة الفن، ما دفعه لدراسة كيمياء الألوان كي يمضي في مشروعه بصورة علمية، وهو الآن بصدد بدء رحلته الفنية لنشر اختراعه عالمياً على أمل أن يجد حظه في السوق. براءة اختراع سودانية تخرج معتز في كلية الفنون بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا في عام 2005م، وبدء في تدريب نفسه بالمشاركة في المسابقات والورش المتخصصة فنياً، التي قادته مؤخراً للمشاركة في فعاليات فنية عالمياً، بحسب معتز الذي استرسل قائلا: عملت جاهدا على تطوير المواد المحلية لتصبح ضمن خامات الرسم العالمية، وذلك بعد أن خضعت لعدة كورسات في كيمياء الألون، وبعد التعمق في مجال الكيمياء، توصلت لطريقة تثبيت الألوان المستخلصة من النباتات بصورة احترافية، وفي الفترة القادمة سأتجه إلى نشر اختراعي حول العالم، وفي أول مايو المقبل أنا مدعو لورشة عمل في نيروبي، تمتد إلى آخر الشهر، سأعرض فيه تجربتي الخاصة وسيشرف الورشة عدد من خبراء الألوان واللوحات، إلى جانب ممثلي الشركات والمستثمرين في هذا المجال، وعدد من الفنانين العالميين. التراث والمواد الخام واصل معتز حديثه قائلاً: في رؤيتي الخاصة التراث هو نقطة الانطلاق لأي عمل فني عالمي، والبيئة السودانية مليئة بالخامات الطبيعية التي تستحق الانتباه لها وعرضها عالميا، ومن هنا استوحيت فكرة استخلاص الألوان من المواد المحلية، فقمت باستخلاص اللون الأخضر من قشور الفواكة والأزهار، والأحمر بدرجاته من الكركدي، والبني من الدوم، وكما استعنت برسم الشاي والقهوة، وقمت بمزج الأشياء مع بعضها البعض للوصول لألوان أخرى. ويستطرد معتز: بدأت رغبتي في استخلاص الألوان منذ المرحلة الثانوية، وظننت أن الجامعة ستدعمني، لكن كليات الفنون في السودان تفتقر لكورسات الكيمياء، الموجودة في كل الجامعات العالمية، لذا يحتاج الفنان لنيل دروس في الكيمياء إذا ما رغب في احتراف مجال الألوان. عفوية خاطئة كثير من الفنانين السودانيين يتعاملون مع القهوة بصورة عفوية، لكنها خاطئة في تقديراتي الشخصية، فيقوم الفنان بسكبها على اللوحة بصورة متعمدة لإضافة لمسة جمالية، فلو أراد ذات الفنان بيع لوحته، فإنه يقوم ببيع لوحة سريعة العطب، فمع مرور الوقت ستبهت القهوة، وبالتالي يقع المبدع في فخ عدم النزاهه والشفافية. واستطرد: باختراعي هذا ابتكرت مواد مثبتة للألوان سواء أكانت على الجدران أو الأقمشة أو الأوراق، وبعد رحلة نيروبي سأغادر إلى النرويج لأعرض مشروعي في مهرجانها السنوي، وسأجتهد في عرض تجربتي على قارات العالم بأكملها اليوم التالي