كاظم الساهر سيبدو خياراً أنيقاً وصوتاً شاهقاً إذا ابتعدنا قليلاً عن الغناء الممتد لساعات والطرب العميق مع أم كلثوم أو عبدالحليم حافظ. ميدل ايست أونلاين نص: رائدة زقوت مجرد خطأ في إعادة التوجيه الساعة السابعة ليلاً موعداً للتقليب على قنوات اليوتيوب للبحث عن مساحة للابتسام ضاعت منا في زحمة الحياة ودموية الأخبار وشراسة الموت. الأخبار على مستوى الرقص الشرقي غير سارة أبداً، يقال بأن العديد من الراقصات من أصول روسية وأوروبية احتللن ساحة الرقص الشرقي مما أدى إلى ما يشبه البطالة عند أمهات الرقص الشرقي العربيات ودفعهن لفتح النار على الوافدات الجديدات لاستعادة المكانة التاريخية لهن. مما ورد في الأثر أن راقصة مشهورة عربية رقصت لمدة إحدى عشرة ساعة متواصلة لأحد الزعماء الغربيين! هذا الكلام أقنعني حقيقة فلا بد أن هذا الزعيم كان يحتاج لخطط جهنمية لزلزلة المنطقة لا تتوقف عند الخصر وميلانه ولا انحراف النهود عن مسارها في اهتزازها الشرقي المموسق. ما علاقة الأجنبيات بالرقص المتفجر إن لم يكن هناك زعيم عالمي يتابع اهتزاز أجسادهن...؟ ثم ما حاجة بلادهن لهذا الاهتزاز الزلزالي الضخم بعد هذه الحرب الشعواء بين الراقصات كان لا بد لي من فيديو لأعود لدوزنة مزاجي العالق في منطقة الزلازل البشرية التي طمرت الكثير من معالم عالمنا العربي، أريد أن أخرج من احتفالية الرقص الصاخبة إلى صوت يمنحني بعض الأمل بأنه ما زال هناك ما يستحق الحياة. كاظم الساهر سيبدو خياراً أنيقاً وصوتاً شاهقاً إذا ابتعدنا قليلاً عن الغناء الممتد لساعات والطرب العميق مع أم كلثوم أو عبدالحليم حافظ، أو حتى رائعة محمد عبدالوهاب "من غير ليه" وأنا من غير أسباب حقيقية عميقة قررت أن أستمع لكاظم الساهر، سيبدو الليل أخف وحشة والاستسلام لرعونة الحنين مع الصوت القادم من مياه دجلة خياراً عشقياً بامتياز. أقلب الفيديوهات هذا كاظم، وقد تمت دبلجة الأغنية على مشاهد من مسلسلات تركية لصبايا حسان بقامات ممشوقة وعيون باكية، لا... لا أريد مشاهد تسلبني القدرة على ابتكار مشاهدي الخاصة وأنا أستمع؛ أريد صوته فقط وأنا أتكفل ببث السيناريو المناسب للأغنية. أو قد تتم الدبجلة على أكوام من الورد والكثير من العيون الكحيلة التي تداهم المستمع فتشتت ذهنه عن فحوى الحنين. لذلك أريد فقط أن أستمع، لا أريد مؤثرات خارجية تداهم مشاعري فتشتت ما بقي منها، من باب البحث عن الأمن للذائقة السمعية علينا أن نحافظ على حياد البصر وتجنيبه التدخل في غيره من الحواس، للحواس شأن غريب في التأثير على بعضها البعض، اللمس على سبيل المثال يثير الحاسة المجهولة التي تختبئ عادة بعد السادسة بمسافة لمسة وقبل الخامسة بمسافة اسبالة عين. أقع على الأغنية التي أبحث عنها في قنوات يوتيوب، كاظم بجميلته الجديدة "شؤون صغيرة" كاظم الساهر مطرب ذكي بالإضافة لصوته الشجي قدر أن يتحول لمطرب المرأة الأول بمزاوجته كلمات شاعر المرأة الأول نزار قباني مع صوته وألحانه، فتربع على العرش طويلاً تاركاً خلفه الكثير من الباحثين عن الشهرة والتميز. ألمس الفيديو بلطف مبالغ فيه لا يمثلني وإنما تفرضه التقنية التي تعتمد على اللمس الناعم يبدأ صوته في احتلال حاسة السمع دون تدخل من بقية الحواس، يدفعني هذا الشجن للمشاركة مع صديقة لننعم بمشاركة دافئة ونسلم زمام السمع للحظات من البهجة تمتد من أول الموسيقى لأخر الصوت. أضغط على مشاركة فيشير السهم إلى الذهاب صوب عدد كبير من الجهات، مأخوذة بصوت كاظم وشؤونه الصغيرة، أشارك الأغنية مع صديق آخر في القائمة، لا انتبه للأمر، أغوص في عالم كاظم الساهر وصوت الرسائل يزداد على الهاتف، تدخل سافر بحاسة السمع لا علاقة له بحواسي الأخرى، واغتيال مبرمج من حاسة السمع لحاسة السمع يدفعني للخروج من حالة التوحد مع صوت كاظم والبحث عن المرسل وغايته. الكثير... الكثير من علامة الأسئلة والتعجب كانت قد استقرت في خانة المراسلة مع صديق قديم، أيقونات لقلوب كثيرة بعضه أخترقته الأسهم، أيقونة لراقصة تهتز وورود كثيرة بكافة الألوان والأحجام ! أردت أن أبدأ في تلقين الصديق درساً في أخلاقية الصداقة وأنه تجاوزها كثيراً بهذه الهدايا المجانية، وثمة أمر أخر مستفز ما علاقتي أنا بالراقصة والقلب المشطور من منتصفه بسهم مرسوم الكترونياً، فتحت خانة المراسلة لأبدأ في تلقينه الدرس عندما لاحت لي في أعلى الخانة أيقونة أغنية كاظم الساهر...! أسقط في يدي وتداخلت الحواس في دمي فبات صوته يرتفع ويهبط والسمع تشوش كثيراً وفقد قدرته على الرؤية، بماذا سأعتذر الآن ؟ كيف سأنسحب بهدوء دون إحداث ضجة تثير الزوابع حولي. خطأ ما حصل غير مقصود يا صديقي، إنه خطأ إعادة توجيه لا أكثر! لم أنتظر الرد كثيراً، فبعد عدد مهول من الأيقونات الغاضبة والسيئة التعبير جاء البلوك ليتربع على مساحة الخانة الضيقة. بصمت أغلقت أغنية كاظم وعدت لمشاهدة الحروب بين الراقصات دون مشاركة مع أحد ! رائدة زقوت كاتبة أردنية معنية بشؤون المرأة.