'فهم ترامب أمر صعب' ميونخ - قام ثلاثة من كبار المسؤولين الأميركيين بجولة في أوروبا استمرت أياما عدة، عملوا خلالها على طمأنة حلفائهم إزاء توجهات الإدارة الأميركية الجديدة، من دون أن يقدموا صورة واضحة عما يريده الرئيس دونالد ترامب في هذا المجال. ومع أن نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية ريك تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس، عملوا جاهدين على التخفيف من وطأة بعض تصريحات رئيسهم، فإن الشكوك لا تزال تخيم بقوة على التوجهات الفعلية للإدارة الأميركية. وركز المسؤولون الأميركيون خلال جولتهم الأوروبية بشكل خاص على العلاقة مع الحلف الأطلسي، بعد أن اعتبر ترامب تارة أن الحلف "قد عفا عليه الزمن"، وتارة أخرى أنه "مهم جدا". والرسالة التي حملها بنس وماتيس خلال المؤتمر حول الأمن في ميونيخ وفي بروكسل كانت مزدوجة، فمن جهة أكدا أن الالتزام الأميركي لدى الحلفاء في الأطلسي "لن يتزعزع" ومن جهة أخرى شددا على ضرورة أن يتحمل الحلفاء المزيد من الأعباء المالية للحلف. وهدد ماتيس في بروكسل بأن "الالتزام الأميركي سيكون محدود المدى" إزاء الحلف الأطلسي في حال لم تتم زيادة النفقات العسكرية الأوروبية بشكل كاف. وإذا كان الأوروبيون لا يرفضون من حيث المبدأ ذلك إلا نهم أكدوا أيضا أن النفقات العسكرية لا يمكن أن تكون العامل الوحيد، فهناك المساعدة في التنمية واستقبال طالبي اللجوء ولا بد في هذا الإطار من إجراءات مكلفة وضرورية من أجل الاستقرار العالمي والأمن على ضفتي الأطلسي. روسياوأوكرانيا وبعد أن استقال مستشار الأمن القومي مايكل فلين المتهم بالكذب حول علاقته بروسيا، عمل المسؤولون الأميركيون خلال جولتهم الأخيرة في أوروبا على التخفيف من الاندفاعية نحو التقارب من موسكو التي أطلقها ترامب منذ حملته الانتخابية. وبالنسبة إلى أوكرانيا خصوصا وهو الملف المهم جدا بالنسبة إلى الأوروبيين الذين يتخوفون من النزعة التوسعية لدى الروس، دعا بنس موسكو إلى احترام اتفاقات مينسك للسلام. وقال بنس مخاطبا المسؤولين الروس "اعلموا أن الولاياتالمتحدة ستواصل الطلب من روسيا أن تقوم بما يتوجب عليها القيام به، حتى ولو كنا نبحث دائما عن أرضية توافق معها. وكما تعلمون فإن الرئيس ترامب يعتقد أن المقاربتين ممكنتان". لكن بنس وتيلرسون لم يكشفا خلال اجتماع مجموعة العشرين في بون، الجوانب التي يريد ترامب البناء عليها في العلاقات الأميركية الروسية. وفي هذا الإطار دعت وزيرة الدفاع الألمانية اورسولا فان دير ليين الولاياتالمتحدة "إلى عدم التحرك بشكل فردي عبر القفز فوق رؤوس الشركاء". ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ميونيخالولاياتالمتحدة إلى إقامة علاقة "براغماتية". وطالب بإقامة "نظام عالمي جديد" يكون خاليا من الهيمنة الغربية. الاتحاد الأوروبي وبريكست وقد أثار ترامب دهشة وغضب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عندما امتدح البريكست وتوقع تفكك هذا الاتحاد بلهجة بدت تؤيد ذلك بشكل واضح. وحول هذه المسألة لم يقدم أي مسؤول أميركي من الثلاثة الذين زاروا أوروبا أي إيضاح. وبقي مايك بنس غامضا جدا قبل أن يصل إلى بروكسل الاثنين مكتفيا بالقول إن "قدر الولاياتالمتحدة متداخل مع قدر أوروبا". وبالطبع لم يرق هذا الكلام الغامض لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الذي أعرب في تغريدة عن الأسف لأن نائب الرئيس "لم يتفوه ولو بكلمة عن الاتحاد الأوروبي". ومهما قدم نائبه ووزراؤه من تطمينات هل سيلتزم بها ترامب، أم أنه سيطيح بكل شيء عبر تغريداته النارية كما فعل حتى الآن؟. حى أن السناتور الجمهوري جون ماكين أقر بأن فهم ترامب أمر صعب. وقال "اعتقد أن الرئيس يدلي بتصريحات وأحيانا يناقض نفسه. وهكذا تعلمنا أن نتنبه إلى ما يفعله الرئيس أكثر مما يقوله". أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فحرص على النظر إلى الوضع ببعض التفاؤل عندما قال "أعطوا ترامب فرصة. نعم إنها طريقة جديدة في الإدارة، لكن لا تقللوا من أهمية قدرته على الحصول على نتائج".